الشرع من نيويورك إلى إدلب .. “إدلب العشق”

قراءة في خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع خلال حملة الوفاء لإدلب  

بقلم أمين التحرير: فراس اليحيى  

من النادر أن يجمع خطاب سياسي، بين الرمزية العاطفية، والرسائل السياسية، بقدر ما فعل الرئيس السوري أحمد الشرع: خلال مشاركته في حملة “الوفاء لإدلب”. ففي مشهد طغى عليه التصفيق والهتاف، لم يكتفِ الشرع بوصف دمشق بأنها “أحب بقاع الأرض إلى قلبه”، بل أضاف عبارةً صادمةً بجرأتها، وبساطتها في آن واحد: “إن إدلب هي العشق”.

هذه الكلمات لم تكن مجرد عبارات عابرة، بل اعترافاً بالإمتنان العميق، لمحافظة احتضنت كل السوريين، طيلة أربعة عشرة عاماً من الحرب والقتل الممنهج.

احتضنت السوريين الذين صرخوا بالحرية وقلع الاستبداد، ومن رفضوا الظلم والقهر، وكانت ملاذاً سياسياً وعسكرياً.

إدلب، التي طالما رُوّج لها على أنها أرض نزاعٍ وتطرّف، تتحول اليوم بخطاب رئاسي، إلى “عاصمةً وجدانيةً” تحمل دلالة، على إعادة الاعتبار، لمكان طال تهميشه، ونُسي عمداً، بل وتشويه صورته.

لكن الرسالة الأعمق، تكمن في الدمج بين الرمز، والعاطفة، والسياسة. ففي طريق العودة من نيويورك لأول مرة منذ عقود، اختار الشرع أن يخاطب السوريين، من هذه المحافظة، التي فتحت سوريا، على العالم، وكانت سبباً لوجوده في واشنطن. الشرع الذي عاد للتو من نيويورك، لا من دمشق وحدها، وكأنه يقول إن إعادة الإعمار ليست إسمنتاً وحديداً، بل بناء جسور ثقة،بين السلطة الجديدة، والمجتمع المحلي.

الطرافة التي رافقت الحفل – عندما مازح أحد المشاركين الرئيس قائلاً: “هل تود أن أغادر؟” – بسبب ظهور الرئيس الفجائي، في يوم حملة الوفاء لإدلب، وجمع التبرعات، فكان المشهد له تأثير كبير، في نفوس المتواجدين ضمن الحملة، أظهرت صورة مختلفة لرجل الدولة، الذي يعد  أقل صرامة، وأكثر قرباً من الناس. وهذا بحد ذاته، تحول في الثقافة السياسية السورية، التي اعتادت وجوهاً جامدة، ورسائل متخشبة مبهمة غير مفهومة.

قد يختلف كثيرون حول خيارات الشرع السياسية، لكن من المؤكد أن خطابه في إدلب كان محاولة لتثبيت سردية جديدة، أن المدينة التي قاومت وتألّمت يمكن أن تكون بوابة المصالحة والنهضة، وأن العلاقة بين القائد والجمهور لا تُبنى فقط على الشعارات، بل على المشاركة الوجدانية أيضاً.

فالرهان كبير على إدلب فهل تتحول “إدلب العشق” إلى نموذج عملي لإعادة بناء الدولة على أساس جديد من الثقة والتكامل؟ وهل ستكون بوابة حقيقية لقرب السوريين من بعضهم البعض بعد أن أبعدتهم الحرب عن بعضهم؟، وخاصة بعدما أتى إليها في هذا اليوم ضمن حملة الوفاء لإدلب أبناء المحافظات السورية كافة، مسارعين للوقوف إلى جانبها من خلال تقديم التبرعات للنهوض بها وإعادة إعمارها.

 

المزيد...
آخر الأخبار