رئيس التحرير – طلال قنطار
يصل السيد الرئيس أحمد الشرع إلى العاصمة الروسية موسكو، في زيارة تُعدّ مفصلية في السياسة الخارجية السورية، على رأس وفد رسمي رفيع يضم وزيري الدفاع والخارجية، ورئيس جهاز الاستخبارات لعقد لقاء مباشر مع الرئيس فلاديمير بوتين.
هذه الزيارة تأتي في إطار رؤية سياسية جديدة تقودها دمشق، تقوم على الندية، والاستقلال والاحترام المتبادل، لا على الإرث التقليدي للعلاقات الدولية المبنية على الاصطفاف، أو التبعية فالعلاقة بين سوريا وروسيا، رغم تاريخها الطويل، بحاجة اليوم إلى إعادة بناء على أسس واضحة، تُراعي السيادة السورية، وتراهن على المصالح المشتركة، لا على الحسابات القديمة.
الرئيس الشرع الذي عبّر في أكثر من مناسبة عن رفضه للانخراط في محاور دولية مغلقة يدفع اليوم باتجاه سياسة خارجية تقوم على الانفتاح المتوازن مع الشرق والغرب، بما يضمن الكرامة الوطنية ويخدم مصلحة الشعب السوري أولاً وأخيراً.
وفي هذا السياق، فإن دمشق تنتظر من موسكو أن تواكب هذا التحول، عبر دعم جاد لرفع العقوبات الظالمة، والانخراط في عملية إعادة الإعمار، ليس كمكافأة على مواقف سياسية، بل كشريك في صياغة مستقبل جديد لسوريا.
سوريا الجديدة لا تبحث عن حلفاء يملون، بل عن شركاء يحترمون. وهذه الزيارة تمثل اختباراً حقيقياً، لإمكانية بناء علاقة استراتيجية قائمة على السيادة لا التبعية، والمصالح لا الشعارات.
إنها لحظة انتقال في السياسة السورية، تفتح أبوابها لكل من يؤمن بالحوار والاحترام المتبادل، دون تمييز بين معسكر شرقي أو غربي. فقط من يقف على قاعدة احترام القرار السوري له مكان في هذه المرحلة الجديدة.