الفداء_ محمد جوخدار
تواصل مؤسسة مياه الشرب في محافظة حماة، تنفيذ مشاريع رائدة لإعادة تأهيل منظومة المياه في المدينة وريفها، رغم التحديات الكبيرة التي فرضتها سنوات الحرب وواقع البنية التحتية المتضرر. وتعمل المؤسسة، بالتعاون مع الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية، والمجتمع المحلي، على تطوير الشبكات، وتأمين مصادر بديلة للمياه، وضمان استدامة التزويد في مختلف المناطق.
مشاريع متكاملة بعد التحرير
وفي حديث خاص لـ”الفداء”، أوضح معاون مدير المؤسسة المهندس عبد الملك الحمصي، أن المؤسسة أنجزت العديد من المشاريع منذ تحرير المناطق وحتى اليوم، من بينها تنفيذ خمسة خطوط معفاة من التقنين لتغذية آبار المصيطبة (دوار الجب) في مدينة حماة، وتأهيل بئري العليش والنقارنة في حي جنوب الملعب، إلى جانب إعادة تأهيل مكونات محطة التصفية في القصير، مثل المخبر وصيانة المرشحات الرملية واستبدال ضواغط الهواء ومضخات الغسيل العكسي.
كما تمّ تجهيز بئر أم خربة بالطاقة الشمسية في كفرزيتا، وتأهيل عدد من آبار نيصاف، وادي العيون، شطحة، إلى جانب تركيب منظومات طاقة شمسية، وتأهيل شبكة مياه قلعة المضيق، وتدعيم وصيانة الخزان العالي فيها، بالإضافة إلى تأهيل خزان بري الشرقي، وإنشاء خزان أرضي في الشومرية بسعة 100 م³، واستبدال شبكات مياه في حي مشاع الفروسية، وتنفيذ خط داعم لأحياء الفيحاء والقصور في مدينة حماة بطول 2.5 كم وقطر 250 ملم.
وتتابع المؤسسة العمل على مشاريع مياه الشرب في مناطق عديدة منها: الموعة، كرناز، الجنان، معرشحور، طلف، عقرب، قمحانة، الجاجية، موسى الحولة، البانة، طير جبة، بيرة الجرد، الرصافة، الكريم، التوينة، الزكاة، حربنفسه، دير الفرديس، صوران، كوكب، ومحطة ضخ بسيرين.
خط الجر الثاني.. مشروع حيوي لسنوات قادمة
أشار المهندس الحمصي إلى أن مدينة حماة تُروى حالياً من خط الجر الأول الممتد من أعالي نهر العاصي مروراً بمحطة القصير، حيث تُجرى عمليات الترشيح والترسيب والتعقيم، قبل أن يتم ضخ المياه لحوالى 65 تجمعاً سكانياً في محافظتي حماة وحمص.
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن المؤسسة تعمل على استكمال تنفيذ خط الجر الثاني لمياه أعالي العاصي، والذي وصلت نسبة إنجازه إلى 97% بطول 82 كم، وقد تم تقسيمه إلى مراحل لضخامة المشروع. وقد أنجزت المؤسسة العقود الممتدة من محطة القصير حتى تل الشور، إضافة إلى مقطع من الرستن إلى حماة بطول 20 كم، وتُواصل المؤسسة بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية ووزارة الطاقة استكمال المراحل المتبقية.
وأكّد الحمصي أن هذا المشروع يعتبر شرياناً أساسياً سيسهم في تأمين مياه الشرب لعشرات التجمعات السكانية في محافظتي حماة وحمص لعدة سنوات قادمة، خاصة أن خط الجر الأول انتهى عمره التصميمي منذ عام 2005.
الريف الشرقي يعاني العطش
أما عن الريف الشرقي لمحافظة حماة، فأكد الحمصي أنه يعاني من جفاف الآبار السطحية، نتيجة التغيرات المناخية وتعاقب سنوات الجفاف، بينما الآبار الجوفية تحتوي على مياه كبريتية تحتاج إلى المعالجة عبر تقنية RO، وهي مرتفعة الكلفة تأسيساً وتشغيلاً. رغم ذلك، نفذت المؤسسة عدداً من محطات التحلية في التجمعات الكبيرة مثل السعن، صبورة، جدوع، وشيخ علي كاسون، وتعمل حالياً على تجهيز آبار سطحية في قرى شهدت عودة الأهالي، مثل مسعدة، مسعود، الرحية، رسم الأحمر، تل العلباوي، وطيبة التركي، مع خطط قريبة لتجهيز آبار في معصران، قصر ابن وردان، السميرية وغيرها.
تدمير واسع في الريف الشمالي والغربي
أوضح الحمصي أن التحدي الأكبر اليوم يتمثل في المناطق شديدة التضرر في الريف الشمالي والشمالي الغربي، مثل قلعة المضيق، القرقور، جبل شحشبو، ريف محردة الشمالي، اللطامنة، كرناز، الحماميات، الزلاقيات، لطمين، وفي ريف صوران الشرقي مثل أم حارتين، الطليسية، قصر المخرم، ربدة، الفان، ومعان، حيث تعمل المؤسسة على إعادة تأهيل الآبار ووضعها في الخدمة تباعاً.
484 محطة ضخ عاملة و6 محطات تحلية
وبيّن الحمصي أن المحافظة تضم 736 محطة ضخ، منها 484 في الخدمة، بينما 252 محطة متوقفة تحتاج إلى تأهيل جزئي أو كامل حسب الأضرار. وتخطط المؤسسة لحفر آبار جديدة واستكمال تجهيز الآبار المحفورة سابقاً. أما محطات التحلية، فقد تم تنفيذ 6 منها لمعالجة المياه الكبريتية، موزعة على سلمية (محطتان)، السعن، جدوع، صبورة، وشيخ علي كاسون.
واقع الجباية وعدد المشتركين
وصل عدد المشتركين في مياه الشرب بمحافظة حماة إلى 416 ألف مشترك، وتبلغ نسبة الجباية 80%، وهي نسبة مقبولة لكنها لا تغطي سوى جزء بسيط من كلفة التشغيل، التي تشمل تأمين المحروقات، قطع الغيار، أجور الصيانة ورواتب العمال، في ظل تعرفة مياه منخفضة.ويتم توزيع العدّادات حسب المتوافر، مع إعطاء الأولوية للعدادات الصناعية والتجارية والمهنية لضمان استقرار واردات المؤسسة، التي ما تزال بحاجة لعدد كبير منها.
مشاريع حالية وخطط مستقبلية
من أبرز المشاريع القائمة حالياً استبدال شبكة مياه أحياء الأميرية، المناخ، البارودية في مدينة حماة، بكلفة تبلغ 4 مليارات ليرة سورية، ومدة تنفيذ شهرين. كما يتم تركيب مضخات تعقيم في 70 مشروعاً بالمحافظة، بالإضافة إلى تركيب منظومات طاقة شمسية ومراكز تحويل كهربائية.
وأكد الحمصي أن المؤسسة وضعت في خطة 2026 استبدال وتجديد الشبكات القديمة وفق أولويات مدروسة، بهدف الحد من الهدر ومنع التلوث، حيث تم خلال هذا العام استبدال 16,200 متر من الشبكات في 40 تجمعاً سكانياً، استفاد منها 28 ألف نسمة.
تحديات مستمرة ومقترحات تطوير
لا تزال المؤسسة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها نقص حوامل الطاقة (كهرباء وديزل)، ما يؤدي إلى اضطرارها لاعتماد جداول تقنين للمياه. كما تُعاني من قدم الآليات والتجهيزات وارتفاع كلفة صيانتها، إضافة إلى تأثير التغيرات المناخية التي أدت لانخفاض مناسيب المياه، وجفاف عدد من الينابيع والآبار السطحية، فضلاً عن الدمار الواسع الذي طال بعض المشاريع.
وختم الحمصي حديثه بالإشارة إلى أن المؤسسة تقدّمت بعدة مقترحات لتطوير العمل، من أبرزها تعزيز التعاون مع لجان العمل المحلي والمنظمات الدولية، وتفعيل نظام الضابطة المائية للحدّ من التعديات على شبكات مياه الشرب واستخدامها لأغراض غير مخصصة.
ورغم حجم التحديات، تواصل مؤسسة مياه حماة، العمل بجهد كبير لتأمين مياه نظيفة وآمنة للسكان، وتطوير البنية التحتية للمياه في المدينة وريفها، بما يضمن استمرارية الخدمة ووصولها إلى كافة التجمعات السكانية.