الدبلوماسية السورية الجديدة بين الاعتراف بالمعاناة وصياغة المستقبل

الفداء_ رئيس التحرير طلال القنطار:

تشهد الساحة السورية هذه الايام تحولاً ملموساً في الأداء الدبلوماسي يعكس اتجاهاً جديداً أكثر واقعية ونضجاً في مقاربة الملفات الإقليمية والدولية، إذ بات تمثيل سوريا في المحافل العربية والدولية يحمل نبرة مختلفة تقوم على إدراك عميق لحجم الكارثة التي عاشها السوريون خلال سنوات الحرب وما خلفته من دمار وتشريد وتمزق في النسيج الوطني. هذا التحول لا يمكن فصله عن التغيير في القيادة السياسية التي ورثت بلداً منهكاً ومدمراً على مختلف المستويات بعد عقود من الحكم السلطوي الذي تعامل مع الدولة كملكية خاصة وقاد البلاد إلى عزلة دولية وصراعات داخلية وانهيار اقتصادي شامل، فيما كان الشعب السوري يدفع وحده الثمن الباهظ من أمنه ولقمة عيشه ومستقبل أجياله ومع ذلك فإن ما يلوح في الأفق اليوم يبعث على الحذر المشوب بالأمل إذ تسعى الحكومة الجديدة إلى إعادة تموضع سوريا خارج خطاب التحدي والمكابرة، لصالح خطاب يتسم بالشفافية والانفتاح ويعيد الاعتبار لفكرة الشراكة السياسية داخلياً وخارجياً من خلال مدّ الجسور مع الدول التي تبدي استعداداً للتعاون على أساس الاحترام المتبادل والإرادة الحرة للشعب السوري وفي هذا الإطار تظهر مؤشرات على تحول في النظرة تجاه المكونات الوطنية المختلفة وعلى رأسها قوات قسد التي لطالما كانت موضع خلاف وتجاذب حيث تبدو القيادة السياسية الحالية أكثر استعداداً للنظر إلى هذه القوى بوصفها جزءاً من الحل الوطني لا من معادلات الانقسام مما يمنحها فرصة تاريخية للمساهمة في مشروع سوريا الموحدة بعيداً عن منطق الإقصاء والمواجهة إن سوريا اليوم تقف على مفترق طرق حاسم، تتطلب مرحلته الجديدة تضافر الجهود الوطنية وتجاوز الحسابات الضيقة والانخراط الجاد في مشروع بناء الدولة على أسس المواطنة والعدالة والكرامة الإنسانية فبدون هذا التحول الجذري في الرؤية والممارسة ستبقى الأبواب موصدة أمام أي مستقبل حقيقي يعيد لهذا الشعب المنهك حقه في الحياة والحرية والأمل

المزيد...
آخر الأخبار