بقلم .. ياقوت_الحموي
السلامة على الطرق ليست مجرد قانون أو لوحة إرشادية، بل تعبير عن احترام المجتمع لحياة الناس.
لا توجد دولة تخلو من المخالفات والتجاوزات ولا سائق كامل بالمطلق لكن كل الأمم تسعى جادة لسد الثغرات القانونية وتقليل الأخطاء البشرية والحوادث لأن حماية الأرواح هدف سامٍ يستحق الجهد.
في سوريا كما في دول أخرى تتكرر الحوادث المؤلمة للأسف، بسبب السرعة الزائدة والتهور أو التغاضي عن القوانين. من هنا تأتي أهمية دراسة التجارب
الدولية التي سجلت تحسناً ملحوظاً في الجمع بين الانضباط والردع والتربية المجتمعية، وذلك للاستفادة من أساليبها وتكييف الدروس المكتسبة، بما يتناسب مع ظروفنا المحلية لتعزيز السلامة وحماية حياة الناس.
نظام النقاط والمسؤولية القانونية
في بعض الدول يُطبق نظام نقاط يُسجل فيه المخالفات لكل سائق، وعند تراكم هذه النقاط تُتخذ إجراءات تدريجية تشمل تحذيرات ودورات توعية إلزامية، وربما سحب الرخصة عند بلوغ الحد الأقصى. الهدف ليس العقوبة وحدها بل تذكير السائق بأن القيادة مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون مهارة تقنية.
الفرار من مكان الحادث: خرق للواجب الإنساني
يُعتبر الهروب من مكان الحادث جريمة خطيرة قد تؤدي إلى السجن أو سحب الرخصة لأنه يعكس تخلّياً عن المسؤولية الإنسانية تجاه الضحايا والمجتمع، حتى في الحوادث البسيطة يجب الإبلاغ فوراً الصمت أو الهروب يضر بالثقة ويقوّض ثقافة الأمان.
البنية التحتية ودور الشرطة
القوانين وحدها لا تكفي لذلك تلعب البنية التحتية المصممة بعناية دوراً أساسياً في منع الحوادث قبل وقوعها. فالطرقات مجهزة بإشارات واضحة وإضاءة مدروسة وتصميم يقلل من التقاطعات الخطيرة ويهيئ السائقين لاتخاذ قرارات آمنة.
أما الشرطة فتعمل بفاعلية تركز على التوعية والرقابة الوقائية لا على الترهيب مستخدمة أساليب مراقبة مدروسة لضمان الالتزام بالقوانين وتشجيع السلوك المسؤول على الطرق.
التكنولوجيا في خدمة الانضباط
الكاميرات والرادارات تساعد على الالتزام بالسرعة والاتجاهات، كما تُستخدم لتحليل أسباب الحوادث وتحسين تصميم الطرق باستمرار كل مخالفة تُوثّق بدقة وتصل للسائق مباشرة، ما يعزز الشفافية ويقلّل الجدل.
التربية المبكرة والوعي الأخلاقي
يبدأ الوعي المروري منذ المدرسة حيث يتعلم الأطفال احترام الطريق وحقوق المشاة وقواعد وإشارات المرور الأساسية.
هذه المبادئ المبكرة تمهّد الطريق لغرس السلوك المسؤول لاحقاً، وعندما يصل هؤلاء الأطفال إلى سن قيادة السيارة يكون لديهم أساس أخلاقي ومعرفي يجعلهم أكثر وعياً بالمخاطر واحتراماً للآخرين.
مدارس القيادة
للأسف الواقع ليس مثالياً دائماً، فبعض مدارس تعليم القيادة تركز فقط على اجتياز الامتحانات وأحياناً يلجأ بعض المدربين إلى أساليب غير مهنية أو أخلاقية. هذا النقص في التدريب يولّد سائقين يفتقرون للانضباط والوعي ويزيد احتمال الحوادث.
في المقابل هناك مدارس تُغرس قيم المسؤولية والانضباط والوعي الأخلاقي، وتعلّم التعامل مع المخاطر بوعي واحترام للآخرين، ما يجعل النظام المروري أكثر فعالية من الاعتماد على القانون وحده.
رسالة إلى مجتمعنا
الطرق الآمنة ليست نتيجة الصدفة بل ثمرة نظام متكامل يجمع بين القانون والبنية التحتية والتكنولوجيا والوعي الأخلاقي.
تحسين أوضاعنا يتطلب إدراكاً أن احترام الطريق هو احترام للحياة، وأن التهور لا يُظهر الشجاعة بل يكشف غياب الوعي بالآخرين.
فلنجعل الطريق ساحة احترام، والقيادة سلوكاً حضارياً يعكس قيم المجتمع الذي نريد أن يحيا بكرامة وأمان.