الفداء _ ناديا المير محمود
أكد المسؤول التنفيذي لمبادرة “حماة تنبض من جديد” “فراس منصور”، أنها تمكنت حتى الآن من تنفيذ وترميم أكثر من ٦٠ موقعاً خدمياً على امتداد محافظة حماة وريفها، شملت مدارس ومستوصفات طبية وآبار مياه، منذ انطلاقتها نهاية شهر “كانون الثاني”.
وذلك في إطار المرحلة الأولى الهادفة إلى تأمين الخدمات الأساسية للعائدين إلى القرى والبلدات المدمّرة، وتحسين مستوى الخدمات العامة بالمحافظة،حسب ماكشف عنه “منصور” بتصريح خاص لصحيفة “الفداء”.
وأوضح منصور، أن الأولوية أُعطيت للبنى التحتية المساندة التي تساهم في استقرار الأهالي، مؤكداً أن الحملة مستمرة رغم التحديات المتعلقة باستمرار تأمين التمويل في ظل حجم الإحتياجات الكبيرة في مناطق مدمَّرة بنسبة تقارب ٦٠٪.
كما أشار “منصور”، إلى أن غياب الوسائل التي يمكن الاعتماد عليها، نتيجة الفساد الذي كان متفشياً في عهد النظام البائد، دفع القائمين على المبادرة إلى إجراء دراسات جديدة تمهيداً لإطلاق المبادرة.
ماضي حماة ومعاناتها
عاشت محافظة حماة وريفها، خلال سنوات الحرب الممتدة على مدى أربعة عشر عاماً، وقبلها، واقعاً خدمياً متردياً في مختلف القطاعات، وحرماناً من أبسط مقومات الحياة.
كما عانت المحافظة من التهميش والعقاب الجماعي نتيجة موقف أهالي المدينة المناهض لنظام الأسد البائد.
وفي هذا السياق، أطلقت محافظة حماة يوم الاثنين 28 كانون الثاني/يناير، وبرعاية المحافظ “عبد الرحمن السهيان”، مبادرة “حماة تنبض من جديد”، بهدف تعزيز وتنسيق العمل التطوعي والخدمي في المحافظة وإعادة إحياء دور المجتمع المحلي في التنمية.
بنية تحتية تعود للحياة
شهدت المحافظة خلال الأشهر العشرة الماضية تحركاً ميدانياً واسعاً لإعادة تأهيل البنية التحتية وفتح الطرقات التي كانت مغلقة بفعل الدمار.
حيث تم ترحيل الأنقاض وفتح الطرقات في مدن “اللطامنة”، “كفرزيتا” و”الحماميات”، ما أعاد الحركة الطبيعية بين مناطق الريف والمدينة.
كما تم تركيب إشارات ضوئية حديثة في “عين اللوزة”، وقواعد للطاقة الشمسية في بئر المياه بقرية “الموعة” لتأمين مصدر طاقة مستدام، إضافةً إلى تحسين الإنارة العامة في ساحة العاصي وشارع العلمين باستخدام تقنيات LED الموفّرة للطاقة.
وفي موازاة ذلك، نُفذت مشاريع مائية جديدة في حي “مشاع الطيار” وقرى سهل الغاب، لضمان وصول مياه الشرب للمناطق المتضررة.
تعاون مجتمعي يزرع الحياة من جديد
ترافقت المشاريع الخدمية مع حراك مجتمعي واسع جسّد روح التكافل بين مؤسسات الدولة والمجتمع المحلي.
فقد نظمت فعاليات تطوعية في “شيزر”، “الحويجة” و”معركبة”، لتنظيف المساجد والحدائق العامة، إلى جانب ترميم المدارس والمرافق العامة في “الزلاقيات” و”كفرزيتا” بمشاركة الأهالي ومجلس المدينة.
كما أُطلقت حملة “شوارعنا الخضراء” لتشجير الشوارع وتنظيف نهر العاصي وإزالة النباتات الضارة، في وقت جرى فيه تركيب منظومات طاقة شمسية لتشغيل مضخات المياه في “كرناز” و”الموعة”، بما يعزز الاستدامة البيئية ويخفض الاعتماد على الوقود التقليدي.
دعم تربوي وإغاثي يعزز العودة والاستقرار
في الجانب التربوي، تمت إعادة تأهيل عدد من المدارس بعدة مناطق منها “العقيربات”، “الحويز” و”تل ملح”.
كما أُقيمت ورش عمل وأنشطة ثقافية في مدارس جمعية المرأة العربية ومدارس المحافظة لتعزيز التعليم ودعم الطلبة.
أما في القطاعين الاجتماعي والإغاثي، فقد جرى توزيع سلل غذائية ومساعدات إنسانية على الأسر العائدة في “الحويز” و”البانة”، بمشاركة منظمة “دنيز فناري”، واستمرت حملات دعم المجتمعات المحلية في “مصياف” و”شيزر”.
ضمن السياق ذاته، أنجزت شركة كهرباء حماة أعمال صيانة وتأهيل لشبكات الكهرباء وتركيب أبراج جديدة، بينما تواصلت جهود إعادة الإعمار عبر ترميم المساجد والمباني الخدمية في محيط مبنى أمن الدولة السابق بقلب المدينة، وإزالة السواتر الترابية في المناطق المدمّرة ضمن خطة إعادة بناء شاملة.
تأكيد رسمي ودعوة للمشاركة
سابقاً وخلال مؤتمر صحفي تزامن مع إطلاق مبادرة “حماة تنبض من جديد” بمجلس المدينة، كشف المحافظ “عبد الرحمن السهيان”، أنها تمت لتعزيز العمل التطوعي وإعادة تأهيل الخدمات والبنية التحتية.
ذكر “حينها” أن المبادرة ستُنفذ عبر ثلاث مراحل تشمل تقييم الواقع، تنسيق الجهود، ثم تنفيذ مشاريع لترميم المباني والمدارس والمستشفيات وتأهيل الطرق والنواعير.
مؤكداً أن هدفها الرئيسي، تخفيف العبء عن المؤسسات الحكومية، مع دعوة جميع أبناء حماة بالداخل والخارج للمشاركة بالدعم أو التطوع عبر منصة المحافظة.
حماة نموذجا بالتعاون
تأتي مبادرة “حماة تنبض من جديد” ضمن الجهود الوطنية الواسعة التي تشهدها المدن السورية بعد سقوط النظام السابق، في إطار مرحلة إعادة البناء وترسيخ الإدارة المدنية الشفافة.
وتمثل التجربة في حماة نموذجاً لتعاون السلطات المحلية مع المجتمع الأهلي والمنظمات الإنسانية لإعادة الخدمات الأساسية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، بما يمهّد لمرحلة تنموية جديدة تعيد للمحافظة مكانتها ودورها.
# الفداء