تحاول الأم الجدية و المجدة في تربية طفلها ، إنجار أكبر قدر ممكن من الصواب في شخصية الطفل ، فهي لا تتوانى عن تحليل و تصحيح كل فعل يقوم به ، لترسيخ ما هو نافع ، و نبذ غيره من الأفعال العشوائية ، فلا يوجد أسوأ من الطفل المدلل ، الذي يخرب كل شيء حوله ، من علاقة الأهل فيما بينهما ، إلى مستقبله الذي سيكون فاشلا بالتأكيد ، لأنه سيكون خارج احتواء الأهل منذ البداية ، و في مادتنا هذه ، سنعرض حالات و حلولا توصل الأم لنتائج جميلة مع طفلها ، التي لا تريد إلا أن يكون فاعلا حقيقيا ضمن نطاقه الأخلاقي و الاجتماعي على حد سواء .
صفات
يظهر الطفل المدلل بأكثر من تصرف و حسب سنين عمره ، فيصرخ في أي وقت ، و تجاه أي خطوة من الأم ، لا يعجبه شيء ، و يرفض الانتظار أو أن يكون في صفوف الانتظار ، و ممكن أي يصل ليكلم أمه بطريقة فجة ، و تخرج منه كلمات بحقها غير لائقة و لا مقبولة ، كأن يقول لها : أنت لست أمي أو أنت أم بغيضة ، و ما شابه ، فالخطر الكبير أن تعتقد الأم ، بأنها تكسب حب طفلها بتدليله ، لكن هي ترتكب خطأ يخرب شخصيته ، و حتى عندما يصبح شابا ، يفتقد السيطرة على نفسه ، و تظهر عليه علامات القلق و الاضطراب و الإحباط ، لذلك كله يجب أن يشعر الطفل بالحدود و القوانين الواجب الالتزام بها ، ليشعر بالأمان فيما بعد .
الغضب و الصراخ
تشير ميساء النادر ، خريجة كلية التربية بأن الطفل الذي يصرخ عند رفض طلبة ، يجب السيطرة من نوبة الغضب ، و عدم الانصياع نهائيا لكل مشاحناته ، و تقول : صراخ الطفل يشكل تحديا كبيرا لأمه ، و عندها يجب أن تجلسه على الأرض حتى و إن رفض ، و ضربه بيده ، و إن لم يهدأ ، فلتعزله في غرفة لوحده ، مع تأكدها من سلامته ، حتى يهدأ ، فهي يجب أن تلغي ثورته ، و تحافظ على سلامته بنفس الوقت ، و هنا من الضروري أن تبين سبب معاقبته .
النق
نعرف أن النق من صفات الأطفال ، لأنهم على يقين بأننا سنحقق كل ما يريدون ، و حالة النق تشكل للأم تحديا خاصا ، لأنها ممكن ان تحدث في أي مكان ، و بوجود أي شخص ، هنا يجب على الأم عدم الإكتراث لما يحاول طفلها شد الانتباه إليه ، بعد ان تدرك السبب الأساسي لما يحدث أمامها ، و الأهم أن تتعلم قول : ( لا ) ، مع عدم الانجراف لمحاولة الطفل الصغير ، الذي يعرف تماما ما يفعله ، فهو يعرف أن نقه يزعج الأم ، فلا بد لها الانصياع له للتخلص من حالة الازعاج ، لكن يجب أن تكون واعية لذلك لكي لا ينتقل الطفل إلى مرحلة جديدة طابعها الانانية البحتة .
كيف نتصرف
يقول دريد اسبر ، اختصاصي طفولة في رياض الاطفال : الموضوع جدا هام و حساس ، و لا يمكن أن تحصل نتيجة إلا بعد تعب فعلي ، و وسائل عديدة ، منها :
قواعد التربية
دوما الفعل أقوى من الكلام ، فبعد محاولة الأم ثني الطفل عن الخطأ من خلال الحديث ، فورا يجب الانتقال للفعل ، فعند رفضه – مثلا – لأكثر من مرة تنظيف أسنانه ، يجب حرمانه من شيء يحبه حتى يلتزم بتلك الحالة الصحية .
الابتعاد عن الدلال
يجب التوقف فورا و بسرعة و بطريقة قاطعة عن دلال الطفل ، و أخذ عهدا قاطعا بعدم العودة إلى أي تصرف كان من شأنه دفع الطفل للأنانية و ما يليها ، و يجب أن يلمس الجدية في التصرفات الجديدة ، فمثلا عندما تطلب منه أمه ترتيب غرفته ، يجب ألا تقبل بترتيب جزئي ، و عليها أن تنبهه لذلك ، و تشعره بأنها على اطلاع بما يفعل ، و لا ترضى منه عملا غير كامل ، فالأطفال أذكياء و يعرفون بالفطرة ما يجري حولهم .
حمليه المسؤولية
يتابع دريد إسبر : يجب عدم المغالاة في حماية الطفل من اخطاء أفعاله ، فليتحمل مسؤولية ما فعل دون الرجوع للأبوين ، و ليتحمل رفضه الامتثال للنصائح ، لأنه إذا تدخلنا كل مرة لتصحيح المسار ، فإننا نبعده عن التطور و إصلاح الذات ، و نعلمه الاتكالية أيضا ، في هذه الحالة يتراجع في المرات القادمة عن الأفعال المشابهة التي قادته لنتائج لا تناسبه .
دعم الرفض
عندما نقول ( لا ) للطفل ، من الضروري أن يصله السبب ، بطريقة قريبة لملكاته ، فإذا طلب شراء لعبة على سبيل المثال ، فلنعلمه أن يرتب أولوياته ، بالاتفاق معه أن الشراء سيتم بوقت معين بعد قيامه بأمر هام بالنسبة له ، و إنه لا يستطيع شراء كل شيء دفعة واحدة ، بالتالي نعلمه ضرورة التنظيم المالي ، و نحثه على العمل الإيجابي ، و الأهم كيفية التعامل مع رغباته .
المحرر
نلمس الفرق بين علاقة الأم و الطفل بين الماضي و الحاضر ، فهو امر طبيعي نتيجة التطورات العامة للحياة ، حيث الطفل المدلل و من ثم الأناني ، هو ليس سيئا بالأساس ، بل هنالك ظروف ساعدت في ذلك ، و هنا يظهر دور الأم الواعية في تحديد و تصويب مسار الشخصية الغضة ، و كل الأفكار الواردة هنا و غيرها ، هي ليكون مستقيما في سلوكه عندما يكبر ، و هو هدف كل أب و أم ، لأن الأطفال أغلى ما لديهما .
شريف اليازجي