يحتفظ جامع أبي الفداء بالكثير من المعالم الأصلية من الفترة التي تم بناؤه فيها رغم التعديات الكثيرة والترميمات العديدة التي لحقت به ..
يقع جامع أبي الفداء في محلة باب الجسر على الضفة اليمنى لنهر العاصي إلى الشمال من قلعة حماة ..
ويعد من أبرز جوامع مدينة حماة فهو نموذج رائع عن العمارة الأيوبية بطريقة بنائه وأسلوب زخارفه وطراز واجهاته فضلاً عن كتاباته التي تزين مختلف أقسامه ..
ويحتوي على مرقد ملك حماة ومؤرخها وعالمها المشهور أبي الفداء الملك المؤيد عماد الدين اسماعيل..
بدأ أبو الفداء ببناء الجامع سنة 727هجري 1327 م بحسب نص ورد على إحدى دعائم حرم الجامع ضمن شريط رخامي يتضمن كتابة محفورة بخط نسخي جميل..
يتوسط الجامع باحة ( صحن ) متسعة محاطة برواق من ثلاث جهات ،وهو محمول على أعمدة دائرية ،وبداخل الباحة وعلى يمين المدخل الشمالي يقع ضريح الملك أبي الفداء..
وهو غرفة متوسطة الحجم مبنية من الحجر الكلسي تغطيها قبة لها رقبة مضلعة تتخللها النوافذ ،والقبة مبنية من الآجر ،وهي مفصصة تتألف من أربع وعشرين ضلعاً على النمط الأيوبي المنتشر في دمشق وحلب وحماة ..
وفي وسط حجرة الضريح تركيبة رخامية عليها غطاء خشبي مزين بزخارف هندسية ،وقد نقش على محيط التركيبة نص آية الكرسي مع البسملة ،فضلاً عن ثلاثة أسطر عند الرأس مكتوبة بالخط النسخي ،كتب فيها مايلي:(هذا ضريح العبد الفقير إلى رحمة ربه الكريم إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر شاهنشاه بن أيوب (عمرا) في شهور سنة سبع وعشرين وسبع مائة )
علماً أن أبي الفداء قد توفي سنة 732هجري أي إن تاريخ القبر سابق لتاريخ وفاة صاحبه ، وفي هذا غرابة واضحة.
و المئذنة الموجودة حالياً بناها رجل من أهالي حماة متوسط الحال ، اسمه الحاج محمد بن خليل العمري ، وكان يدعي النسب إلى السلطان بدر الدين حسن أخي الملك أبي الفداء، وقد تم البناء في مكان المئذنة القديمة المندثرة ذات جذع مربع ،وهناك كتابة تعلو مدخل المئذنة تؤكد ذلك.
أما حرم الجامع فهو مستطيل متطاول وتعلو سقف الحرم بالوسط قبة كبيرة، وتزين واجهة الحرم مع المحراب زخارف من الفسيفساء المصدفة مشكلة زخارف هندسية رائعة ،إضافة إلى زخارف من الرخام الملون والمشكل بطريقة التشقيف ، وتتوضع في وسط الحرم وعلى واجهته الجنوبية شريط كتابي بخط النسخ من الرخام المطلي بالذهب يشمل آيات قرآنية مع ذكر تاريخ البناء ومن قام به .
ويشتهر الجامع بفتحتين متسعتين تطلان على نهر العاصي،وتتوسط كل فتحة نافذتان بينهما دعامة رخامية بيضاء مزدوجة ،تتشابك في زواياها الأربع ثماني أفاع تشكل بالتفافها تضفيراً جميلاً، ولهذا السبب يطلق على جامع أبي الفداء اسم جامع الحيات او الحيايا.
تهدم القسم الغربي من الجامع بالكامل ،وأعيد بناؤه حديثاً ،ثم تمت إعادة إكساء واجهته بالشكل نفسه الذي كانت عليه ،وقد قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف عام 2001 م بترميم الجامع وإعادته لما كان عليه من خلال مشروع مشترك مع مديرية أوقاف حماة .
ولكن يبقى الترميم الذي جرى في عام 1925م على مرقد أبي الفداء من أهم أعمال الترميم التي تمت في الجامع، فعلى إثرها صارت حماة تدعى بمدينة أبي الفداء..
إعداد: جنين الديوب
المزيد...