سراج الروح .. هكذا أطلقوا على أمسيتهم لكنها حقاً كانت سراجاً لأرواحنا التي راحت تخفت مع توالي الأيام .
سراج الروح أمسية أدبية لمجموعة من الشباب المتألق قدموها في مديرية الثقافة في حماة ، فأضاؤوا قناديل قلوبنا ، بكلماتهم بحضورهم .. نعم كانت أمسية لا تشبه غيرها، ولأول مرة أشاهد قاعة المحاضرات وقد امتلأت وعدد الواقفين تجاوز أو ساوى عدد الجالسين ، حضور كبير يتناسب مع ما قدمه هؤلاء الشباب في هذه الأمسية حيث قام الأستاذ مجد حجازي بالإشراف على الأمسية والإعداد لها ، بينما أشرف الشاعر أنس الحجار على تدريبهم لمدة شهر كامل متوسماً الخير فيهم .. ودون كلل أو ملل عمل على صقل كلماتهم، وتوجيههم وتدريبهم بشكل مستمر .. ليخرج لنا سراج الروح بأحلى حلته .
حيث قام الشاب براء سامر شبيب بتقديم رفاقه بكلماتٍ مؤثرة وبطريقة شدّت الحضور ، وبنبرات معبرة ..
فكان بداية اللقاء مع علا يحيى التي قدمت خاطرتها قائلة :
عندما تحضر الذكرى وتقبل شغاف القلب والروح يأتي الحنين إلى يدينا ليخطّ نفسه بين السطور، وإن كان بعد فراق ودمع وأسى نقتات منه الأمل بغدٍ أفضل وعشق تكلله الزهور .. لقد أطربتنا بكلماتها :
أمام أعين جميع الحاضرين ، ألطم جنوني به بدفتر ذكرياتي الموجعة ، أمزق أوراق آهاتي بدموعي المتبعثرة ، النابعة من رعشات قلبي، قبل إعصار عقلي لأغفو بعدها مقبّلة وسادتي المحشوة بأكوام الذكريات ونفخات من بسماتي المورقة .
أما المتألق حمزة الحفيان فقد عبر لنا عن تجربته المنبر قائلاً : كان شعوراً رائعاً بحق ، وشعرنا بمن يقدر مواهبنا وينمي مقدراتنا ، ويقف خلفنا من الأساتذة الأفاضل، فكان للمنبر هيبة عندما نظرنا إليه لأول مرة لكن أعين الحضور كانت المشجع ، وبداية لتجربة ثقافية واعدة قال:
فمنذ لقائنا أصبحت صبا … شعرت بأن لا أحداً مثلي ..
إذا ذكراك قد زارت خيالي أقول لها بشوق ٍ: لا تزولي
رعاك الله يا من في فؤادي أقمت وقد منعت من الرحيل ..
أما المتألقة ملك ميزناري وصفت وقوفها على المنبر وكأنك وقفت على غيمة بيضاء تطفو ثم تمطرهم قلبك روحك وإحساسك ، وهذا بعض من مشاركتها : أصابني سهم حاد من عبارة كتبتها تلافيف ذاكرتي» لم يخبرني التنبؤ بأن الموت سيأتي على هيئة فقدان الذاكرة من خلالك ..
أما المتألق ضياء شعبان الدين ، فكان عنده للحب حرب داخلية تنشأ بين الإنسان ونقيضه الداخلي تتحلى في كمية المشاعر المتداخلة التي تأتي جميعها في وقت واحد ، للوعد وللفراق، للغزل وللرثاء طعم واحد يعيشه الإنسان في داخلك يتجلى في ملامح وجهه المتوترة :
أنا كيف حالي
وكيف الحنين بقلبي
مضى ما مضى منذ كنا صغاراً
وأذكر أول حبٍّ لديك
أحقاً عشقت
ضياء الدين شعبان
لتلتهب القاعة بصعود الشاب المتألق مصطفى بيطار ، وكانت كلماته سراجاً .. كرفاقه لكل روح احتضنتها القاعة.. قال لنا: للمشاعر أحوال، بين الحب والحنين والشوق ،وللشوق مقاييس ولكن إن قاسه الناس بالأمتار فمقياسه لدى العشاق هو الأسعار..
مازلت تائهاً ،شريداً،ضائعاً،أمام ملامحك،كلما جئت لأصفها أجد نفسي أتبعثر أمامك بضع حروف لاتتجاوز الأربعة!.. ألف ..حاء..وباء وكاف ورغم صغر سنه إلاّ أن أبعاد كلمات خاطرته»هاأناذا» تجاوز حدود العمر..
وليكون الختام بإلقاء المتألقة راما.. عاصفة الأماني الفتية والأفق البعيد لذاك الحلم الوردي ،خطت بأمانيها الحروف المبعثرة لتصوغ لحناً عربياً فاتناً يليق بطلتها البهية.
على الخصوص.. كيف حالك يا كل أحوالي؟
أخبرني عن طعم البن في شامة الرقبة المحببة..
ماذا عن لذة الشهد في فتحتي السماء العسليتين عينيك؟..
ليختم شبابنا الأمسية وحناجرهم تردد موطني. مع تصفيق الحضور على ماقدموه..لأننا وللمرة الأولى نرى الجرأة في عرض المشاعر والأحاسيس نرى صدقاً وشغفاً للكتابة إنهم شباب المستقبل والذين سيكونون عماده..
شذى الوليد الصباغ
المزيد...