تأثرت الأزياء الشعبية بطبيعة الأرض ، لذا نجد كل منطقة في بلدنا الحبيب سورية ، لها تراثها الخاص بلباس أهلها ، الذي أصبح مع الزمن تراثاً جميلاً و فناً لايحيد عن الدقة ، ما دفع الدارسون لتنميط الأزياء في كل منطقة ، و تفسير تلك الحركات اللونية والتفصيلية للأقمشة مختلفة اللون و النوعية .
تفاصيل
تعد الأزياء الشعبية السورية جزءاً من التراث العائلي و ذات أسعار باهظة وزخارف كثيرة من الذهب والفضة كالشال العجمي والكشمير الهندي والحرير السويسري والمخمل الفرنسي والجوخ الإنكليزي والعبي المقصّبة إضافة إلى الفرو المميز. وتعطي الأزياء الريفية السورية بقماشها وتفصيلها وزخارفها صورة واضحة عن المجتمع الزراعي القديم ببلاد الشام ذي العلاقات الاقتصادية والاجتماعية ، وتتميز هذه التحف البصرية القماشية بطولها المتزايد الذي قد يصل إلى الأرض، واتساعها الذي يزيد في هيبتها فيكسبها الاحترام والوقار وألوانها الحادة القوية .
شهادة
يقول جمال حنا من كلية الفنون الجميلة بدمشق : يعكس الزي السوري الجمال والأشياء على حقيقتها ضمن ألوانها الطبيعية دون خطأ أو تمويه بسبب الصفاء والوضوح المناخي ، إذ تعد هذه الأزياء ذات عاطفية متأججة وحساسية متزايدة لدى لابسيها لما تمتلكه الثياب السورية من ألوان قوية جارحة صارخة ، تتماشى مع عواطف الناس الجياشة وترضى أرواحهم المتوثبة ، ما توجب أن تكون أزياء المرأة ذات تشكيلية واسعة وألوان متنوعة ولاسيما في إصرار الذوق الشعبي السوري على انتقاء الأقمشة المبرقشة الغنية بألوانها ومواضيعها، حيث تكثر الزهور والورود والأوراق والنباتات على تفاصيل الثوب في جميع المناطق الغنية المطيرة ذات الخضرة الدائمة والأزهار المتفتحة.
في سلمية
نود الإشارة إلى ركن هام ضمن اللوحة الفنية للأزياء الشعبية عامة، و هو أن اللباس كان في أولويته وجوب توفير الراحة أثناء كل حركات اليوم ، بالمشي أو العمل والجلوس على الأرض، بالإضافة لضرورة وأهمية مجاراة الذائقة العامة و أخذها بعين الاعتبار ، خاصة بأن الأزياء الشعبية تحمل تاريخاً معتبراً بالنسبة للأجيال ويعتزون به ، لذلك هم حريصون على جماله واتساقه و تعبيره عن مراحله السالفة ، لذلك تجد في سلمية فرقاً بين لباس البنت العزباء و المتزوجة ، و يكون الفرق بغطاء الرأس، فالبنت تغطي رأسها بغطاء من الحرير الأصفر ذو حواف مطرزة بجودة فائقة ، و يزين الغطاء ( بالبرق ) المتلألئ ، أما المرأة المتزوجة فترتدي عصبة يداخلها اللون الذهبي أو الفضي ، مزينة بصفية من الذهب ، وفوقها إلى النصف الأخير من الرأس ، غطاء حرير بدون تطريز الحواف ، ويقسم الشعر إلى قسمين مع تجديل الشعر الطويل وترك سالفين على جانبي الوجه .
أيضاً
و باقي اللباس يكون عند البنت تنورة طويلة يظهر من تحتها ( كشكش ) يغطي جزءاً من القدمين ، و فوق التنورة ترتدي ( القطشية أو الإبطية ) في الشتاء المكونة من صوف الخراف ، أما المتزوجة فتلبس الثوب الطويل حتى الأرض ، أما الرجل في سلمية فكان يرتدي شيئاً يشبه ( الكلابية ) لكنه مفتوح يتم لفه حول الجسم و تثبيته عن الوسط بزنار من القماش أو الجلد ، هذا اللباس يدعى ( القمباز ) و يجب أن يكون مطرزاً على طول أطرافه كاملة و تحته السروال الأبيض ، و فوقه يرتدي ( الدامر ) وهو نوع من الجاكيت الضخمة بعضها يحمل فتحة بالكمين ، كذلك تستبدل الألبسة شتاء لتحل ( فروة ) الصوف و فوقها العباءة مكان الدامر ، و يترافق اللباس مع غطاء الرأس الذي يكون في الصيف كوفية من الحرير المربد، و شتاء كوفية صوف بالتأكيد مع وجود البريم .
في الأعراس
يتألف ثوب العروس من المخمل البني أو الأسود أو ألوان فواتح ، و يزين رأسها بالورد الطبيعي ، مع قروط من الليرات الذهبية أو أنصافها أو أرباعها ، أما الصدر له حليه الخاص المسمى ( المشخلع أو الشكل ) و هو ذهب مزخرف تعلق به ليرات ذهبية ( مخمسة ) ، و الحذاء يكون ( بابوج ) مخمل أو جلد ، أما لباس الرجل فلا يتغير لكن يجب أن يرتدي لأول مرة في حفلة العرس ، بالطبع من تنفيذ الدبكة السلمونية المعروفة ( بالنقزة ) .
المحرر
هذا هو التراث ، الذي يشكل أساس الحاضر ، فماذا نترك نحن للأجيال القادمة ليرفعون الرأس به ؟ أهو بنطال الجينز الممزق مثلاً ! أم تنورة لا يزيد طولها عن عشرين من السنتيمترات ! أو من الجائز أحذية تختلف الألوان بها بغير تناسق ! الحاضر و الماضي أمانة بين أيدينا ، و التاريخ سيحاسب .
شريف اليازجي