الفواكه المتسلطة

يمر أبو الجود كل يوم من أمام محلات الفواكه على طول طريقه حتى وظيفته وبالعودة أيضاً، و في كل مرة يحاول أن يبتسم لتلك البرتقالة ،أو التفاحة التي بجانبها، أو حتى قرون الموز المتدلية أمام المحال، تكشّر الفواكه في وجهه و منها من يمد لسانه باتجاه أبو الجود، و إن حاول صاحبنا ذات مرة اصطحاب بعض حبات الفواكه إلى بيته، تلسعه بسوط لعين فيغيب عن وعيه لثوان، حيث لا يستوعب صاحباً، ولا نستوعب نحن الأسعار التي تكاد تطفئ النيران بلهيبها، لا نستوعب كيف أصبحت الفواكه حلماً صعب التحقيق لمعظم فئات المواطنين، ولا نستوعب عدم قدرتنا على تحقيق معادلة كانت من أبسط حساباتنا، عندما أصبح الحرمان أصلاً من أصول حياتنا، ولا أنسى ما قاله أبو الجود: يا رجل نحن أهل الفواكه، وأرضنا أرضها، ونصدّر منها، ونحن لا نقدرأن نتذوقها؟ عندها لم يلق أية إجابة، لأن ما يقوله هو الحقيقة، وما نراه من تسعيرات لا حقيقة فيه، حيث أسعار الفواكه محررة بالنسبة لتسعيرة التموين، وبهامش ربح لا يتعدى 15 بالمئة لمبيع المفرق، لكن حالياً لا يوجد أي حكم عادل تجاه انفلات الأسعار الجهنمي، ولا يوجد رقيب ولا حسيب، فضاع المواطن بهذه الكركبة ،وانتهت أحلام كثيرة من حياته ،والفواكه منها، من ناحية أخرى كان فيما سبق التنافس بين الباعة يتركز بتخفيض الأسعار واجتذاب الناس، أما الآن فأصبحت الأسعار تنافس بعضها في التحليق والتكبر والخيال أيضاً، وبات دخول السوق يحتاج لحسابات دقيقة فاقت قدرة الكثيرين، وبات الحل آفلاً لا شكل ولا لون له ولا رائحة حتى.
شريف اليازجي

 

المزيد...
آخر الأخبار