البارحة قصدتُ العيادات الشاملة لإجراء بعض التحاليل الطبية ، بمخبرها الذي يضم كفاءات شابة مختصة وخبيرة وذات علم ومعرفة ، وقد أدهشني إقبال المواطنين الشديد على العيادات التي يراجعها يومياً المئات – إن لم نقل الآلاف – من الذين يحتاجون خدماتها ويجدون فيها الملاذ الآمن من الغلاء الفاحش الذي يسـم أجور الخدمات النظيرة لها في القطاع الخاص .
وباعتقادنا ، مجانية الخدمات التي تقدمها العيادات الشاملة بحماة للمراجعين يومياً ، ليست السبب الوحيد فيما تشهده من كثافة بتلك الأعداد الغفيرة من المواطنين ، نساءً ورجالاً وصبايا وشباباً ، وأطفالاً تحملهن أمهاتُهم إليها ، وإنما للموثوقية التي تتسم بها تلك الخدمات العديدة والمتنوعة أيضاً .
وهو ما يعني بصيغة أخرى ، إخلاص العاملين فيها من إدارة وطواقم طبية وكوادر فنية ، وتفانيهم بخدمة المواطنين المراجعين ، الذين بلغ عددهم خلال شهر كانون الثاني وللمخبر فقط ، على سبيل المثال لا الحصر 3875 مراجعاً ، منهم 1346 من الذكور ، و2529 من الإناث ، فيما بلغ عدد التحاليل التي أجريت لهم 20526 تحليلاً ، منها 6298 للذكور و 14228 للإناث .
وبالتأكيد قراءة هذه الأرقام بلغة الخدمات ، تبيِّنُ أهمية العيادات الشاملة في حياة الناس الفقراء الذين لا تمكنهم ظروفهم المادية من مراجعة المخابر أو المشافي الخاصة ، التي لا تختلف خدماتها عن خدمات القطاع الصحي العام سوى من الناحية الفندقية !.
قد يقول قائل : هذه صورة مثالية للعيادات الشاملة ، ألا يوجد فيها مظاهر سلبية؟.
ونحن نقول : بالتأكيد فيها مظاهر سلبية ، ولكنها نتيجة الازدحام الشديد ، فأمر طبيعي ما دامت حالها كذلك ، أن يشهد العمل فيها اختناقات وضغطاً شديداً على العاملين فيها بمختلف درجاتهم ، ما يسبب إرباكات للمراجعين الذين يرغب كلٌّ منهم بمراجعة عيادة ما أو إجراء تحليل ما قبل غيره !.
بكل الأحوال تبقى العيادات الشاملة ملاذاً للفقراء ، وتقدم أفضل الخدمات لهم تحت أي ظرف وبأي وقت .
* محمد أحمد خبازي