بعد انتشارها في المحافظة شركات التسويق الشبكي بين الرفض والقبول… مواطنون: التسويق المباشر يلغي مراحل البيع … اختصاصيون: وسيلة للنصب والاحتيال…التجارة الداخلية: ضوابط وقيود للترخيص
استغلالاً لحاجة الشباب والشابات للعمل وخاصة طلاب الجامعات تقوم شركات تحت اسم التسويق المباشر للمنتجات الوطنية بالإيقاع بهم ونشر إعلانات توظيف وهمية لاصطياد الزبائن من خلالها, حيث إن مبدأ التوظيف قائم على الطلب من كل زبون أن يشتري سلعة أو منتج بسعر معين بينما القيمة الحقيقية للمنتج في السوق لاتتجاوز نصف ثمنها المفروض, وبعدها يقوم الشخص باستلام المنتج بعد أسبوع أو أكثر, وبناء عليه يصبح وكيلاً للشركة كما يدعون الذين عليهم أن يقنعوا أو يغرروا بشخصين آخرين ليدفع كل منهما المبلغ المفروض دفعه ليحصل على ربح معين من كل مشترك جديد.
ماهو التسويق الشبكي؟
وفي مدينة سلمية كحال جميع المدن والمحافظات انتشرت بها هذه الشركات التي تعتمد مبدأ التسويق المباشر عبر الزبائن.
ولمزيد من المعلومات حول عمل هذه الشركات قصدنا أحد الشركاء الأساسيين في المركز السوري للتجارة حيث أوضح المفهوم القائم عليه مبدأ التسويق المباشر والفرق بينه وبين التسويق التقليدي.
حيث قال عزام. م : إن التسويق المباشر هو إلغاء المراحل البيعية للمنتج, ففي التسويق التقليدي يخرج المنتج من المصنع إلى الوكلاء ثم تجار الجملة ثم تجار التجزئة ثم إلى المستهلك في النهاية, وهذا يعني أن المنتج الذي يخرج من المصنع بمبلغ معين سيصل إلى المستهلك بخمسة أضعاف, إضافة إلى مايتحمله التسويق التقليدي من تكاليف الدعاية والإعلان التي تحتاج إلى ميزانية كبيرة, لذلك تقوم كثير من الشركات اليوم بتوفير هذه النفقات الباهظة على الإعلانات و الدعايات, كل هذه الأموال يتم تحميلها إلى المستهلك , أما في التسويق المباشر فتلغى هذه المراحل جميعها ليتم توفيرها لصالح المستهلك تعطى له كعائد ضخم وتحويله إلى مستثمر في نفس الوقت.
فهذه الشركات تعتمد في التسويق المباشر على المستهلك نفسه في نشر الدعاية , حيث إنه الأقوى والأسرع والأصدق لتسويق المنتجات من خلال القدرات التي تؤهله لذلك, من حيث سرعة الانتشار عن طريق الدعاية الشخصية وقوة الانتشار عن طريق مبدأ المضاعفة ومصداقية المستهلك هي الدافع للشراء وليس الدعاية والإعلان .
عيوب وتحديات أفقدت الثقة
بعض المتشائمين والمتخوفين من الوقوع في براثن الاستغلال والنصب عدوها وسيلة غير قانونية للربح ومحرمة دولياً وهدفها تحقيق الربح فقط، حيث إن معظم المنتجات المعروضة للبيع ليست ذات قيمة، وتباع بأسعار زائدة عن قيمتها الأصلية, وربما بأسعار خيالية من دون معرفة السعر الحقيقي لها.
ويرى بعضهم أن التسويق الشبكي تحول من مصدر دخل إلى تفرغ تام ودائم, بل هوس التسويق الشبكي، إضافة أن بعض الشبكات غير موثوقة أو مضمونة, كما يشجع على التواكل والبحث عن الربح السريع دون العمل المنتج, ولايساهم في التنمية الاقتصادية بل يعد من عمليات الوساطة غير الضرورية تتوقف العمولات بتوقف نشاط المستهلكين الموجودين في أسفل المستوى , مايتطلب تجنيد مسوقين مستهلكين جدد لاستمرار عملية التسويق والربح السريع.
لم أتقبلها
غيداء ابراهيم سيدة عاملة تقول: لقد تم عرض الوكالة عليّ وطلب مني شراء سلع بمبلغ 55 ألف ليرة سورية مقابل الحصول على وكالة نظامية, إلا أنني لست واثقة تماماً من صحة الموضوع ولاتوجد لدي صورة ذهنية إيجابية تجاه عملية التسويق المباشر، كما أنني لست متأكدة مما يعرض خلال الرسائل التسويقية التي تأتي عن طريق النت أثناء شرائي للسلع, حيث يفرضون علي نوعية معينة قد لا أكون بحاجة إليها, ولايمكنني فحص المنتج بشكل مباشر ولا الاتصال بالبائع, الأمر الذي جعلني غير متقبلة لهذه الطريقة.
وسيلة للنصب والاحتيال
الدكتور حسن حزوري نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة حلب يقول:
رغم أن التسويق الشبكي (البيع المباشر) أصبح طريقة بديلة للتسويق التقليدي للخدمات والمنتجات مقابل عمولة يحصل عليها المستهلك بعد شرائه منتجاً أو ترويجه, وكثير من الشركات أصبحت تعتمد هذه الطريقة بسبب تكلفتها القليلة ولما تحققه من مبيعات عالية للمنتجات, إلا أن عدم وجود عنوان واضح لها سوى موقع وهمي عبر النت وعدم وجود رقم هاتف للتواصل والاستفسار تجعل كثيرين متأكدين أنها شركة وجدت للنصب والاحتيال على اللاهثين وراء فرصة عمل وربح سريع مقابل جهد قليل, ويظن المعترضون على مبدأ عمل الشركات القائمة على التسويق المباشر (الشبكي) أنه قائم على هدف واحد وهو شراء الكوبون وليس السلعة بحد ذاتها, حيث إنها تعتمد أسلوب التسويق الهرمي من خلال ثلاثة أوهام تزرعها في عقل الضحية كذبة الربح السريع، كذبة الحرية المالية والشخصية في العمل ـ كذبة امتلاك مشروع خاص.
وعُدَّ سبب انتشار هذه الشركات يعود إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتفشي البطالة وعدم توافر فرص عمل حقيقية للشباب, الأمر الذي يجعلهم يقعون ضحية هذه الشركات مستغلة حاجتهم للعمل وإيهامهم بأرباح خيالية.
وطالب الدكتور حزوري مع جهات عديدة التصدي لهكذا نوع من الشركات وإعادة الأموال للضحايا والتي تقدر بعشرات ملايين الليرات وإغلاقها وشطب سجلها التجاري بعد أن رفضت الشركة إعادة القيمة للراغبين بالانسحاب أو إعادة الكوبون للشركة واستلام قيمته نقداً.
ماهو الحل؟
وبين أخذ ورد وبين مؤيدين يعدونها خطوة جيدة لتوفير فرص عمل للشباب وبين معارضين عدوها فرصة فقط لجامعي الأموال من أصحاب الشركات, يجب وضع النقاط على الحروف وتوضيح إيجابيات وسلبيات التسويق الشبكي, مع ضرورة إصدار قوانين توضح مشروعية هذه الشركات أو عدم مشروعيتها وتنظيم عملها في حال تمت الموافقة عليها أو إيقافها وإغلاقها كلياً.
لاسيما أن هذه الشركات متفاوتة من حيث جودة منتجاتها ونسبة العمولة التي تدفعها للشركاء, وكذلك في نسبة الأرباح التي تجنيها والتي لاتخضع لأية مساءلة أو رقابة .
التجارة الداخلية لم تسمح
وزارة التجارة الداخلية لم تمنح أياً من هذه الشركات عند ترخيصها السماح لهم بإضافة عبارة التسويق الشبكي على السجل التجاري بهدف حماية المواطنين من التلاعب والاحتيال.
وضوابط !
ومؤخراً أوضح مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أيمن أبو زيتون أن الجدل الواسع الذي يثار حول عمل الشركات التي تعمل بمبدأ التسويق الشبكي , فيما إذا كان عملها صحيحاً أو ممنوعاً قد حسمته الوزارة وأصبح متاحاً وصحيحاً بعد أن تم وضع ضوابط وقيود وشروط يجب أن تتوافر في الشركات الراغبة بالعمل في التسويق المباشر.
وأصدرت الوزارة منذ عامين الضوابط ولكن لم يتقدم أحد حتى اليوم لاتاجر ولا رجل أعمال بطلب لتأسيس أية شركة تعمل في هذا المجال.
ويرجع أبو زيتون سبب الجدل حول هذه الشركات إلى قيام شركات أجنبية بالعمل في التسويق الشبكي وأساءت للناس عن طريق النصب والاحتيال, فقامت الوزارة بمنعها نهائياً وعممت بقرار لها منذ عام 2009 تحذيراً بعدم إضافة نشاط ( التسويق الشبكي) إلى السجلات التجارية , غير أن الوزارة كانت قد شكلت في عام 2017 لجنة لوضع ضوابط وأسس ترخيص للشركات المحلية التي تمارس نشاط التسويق الشبكي بما يضمن مصلحة المواطن, وهذه الشركات وضعت لها ضوابط وقيود وشروط منها: أن يتم التأسيس على شكل شركة أموال ( مساهمة ـ محدودة المسؤولية) ويتبع اسم الشركة عبارة ( التسويق الشبكي) وذلك لحصر نشاطها في التسويق الشبكي من دون السماح لها بممارسة أي نشاط آخر, واشترطت أن يكون المؤسسون من الجنسية السورية حصراً وألاَّ يقل رأسمال الشركة عن 200 مليون ليرة سورية, يوضع حساب ضمان مجمد باسم الشركة لدى أحد المصارف العاملة في سورية لايقل عن 20% من رأسمالها لايجوز سحبه أو تحريكه إلا بموافقة مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بعد حل الشركة وتصفيتها نهائياً, ويشترط أيضاً أن تخضع لجميع الضرائب والرسوم المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة في سورية مع شرط الحصول على موافقة أمنية, وعدم تقاضي الشركة أية رسوم من الشخص الراغب الانضمام إلى طريق التسويق وأن تبرم اتفاقية عن طريق عقد بالتراضي تحدد فيه حقوق والتزامات الطرفين.
سلاف علي زهرة