صور ومواقف من التراث الشعري الطريف!

صورتان جميلتان تعانقتا في شعرنا العربي..
صورتان فريدتان ترتاح إليهما النفس..
صورة ضاحكة تبعث على الابتسام والبهجة، ضمن صورة قاتمة !!
أول من جاء بهاتين الصورتين (عنترة العبسي)!!
ثم تبعه الشعراء فاقتبسوا بعض اللقطات الشعرية المناسبة من هنا وهناك(!!)
والمطلع الأريب يعرف أن أول ماكان يتغّنى به الشاعر العربي هو الحبّ والبطولة..
عنترة العبسي أولاً فرضت عليه الحياة الكدح والشقاء, ولكنها أعطته قوة النضال على دفع هذا الشقاء!! وبخاصة حين ابتلي بالحبّ(!)
وحين وقفت التقاليد الجاهلية دون حبّه.. وكأنّ عنترة كان يلمح صورة مَنْ خلال انحناء السيوف وانقضاض الرماح!!
فهذا هو يقول:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل منّي وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسّم
ثم تعاور الشعراء من بعده هذه العبارة (ولقد ذكرتك)..
فقال علي بن رشيق (أبو الحسن):
ولقد ذكرتك في السفينة والردى متوقّع بتلطم الأمواج
والجو يهطل والرياح عواصف والليل مسودّ الذوائب داجي
وعلى السواحل للأعادي غارة يتوقِّعون لغارة وهياج
وعلت لأصحاب السفينة ضجّة وأنا وذكرك في ألذّ تناجي
وقال الشيخ شهاب الدين أبو الثناء محمود:
ولقد ذكرتك والسيوف لوامع والموت يرقب تحت حصن المرقب
والحصن من شفق الدروع تخاله حسناء ترفل في رداء مذهب
سامى السماء فم تطاول نحوه للسمع مسترقاً رماه بكوكب
والموت يلعب بالنفوس وخاطري يلهو بطيب ذكرك المستعذب
وقال ( ابن مطروح جمال الدين):
ولقد ذكرتك والصوارم لمّع من حولنا والسمهرية شرّع
وعلى مكافحة العدو ففي الحشا شوق إليك تضيق فيه الأضلع
ومن الصبا وهلم جرا شيمتي حفظ الوداد فكيف عنه أرجع
وقال أيضاً في هذا المعنى :
أرسلتها والعوالي في الطلا ترد في موقف فيه ينسى الوالد الولد
وما نسيتك والأرواح سائلة على السيوف ونار الخرب تتقّد
وقال الشريف الرضي في ذلك:
ولقد ذكرتك والطيب معبس والجرح منغمس به المسبارُ
وأديم وجهي قد فراه حديده ويمينه حذراً عليّ يسارُ
فشغلتني عمّا لقيت وإنه لتضيق منه برحبها الأٌقطارُ
وقال صفي الدين الحلي:
ولقد ذكرتك والعجاج كأنه مطل الغني وسوء عيش المعسر
والشوس بين مجدّل في جندل مناوبين معفّر في مغفر
فظننت أني في صباح مسفر بضياء وجهك أو مساء مقمر
وتعطّرت أرض الكفاح كأنما فتقت لنا ريح الجلاد بعنبر
وقال في موضع آخر:
ولقد ذكرتك والسيوف مواطر كالسحب من وبل النجيع وطلّه
فوجدت أنساً عند ذكرك كاملاً في موقف يخشى الفتى من ظلّه
وقال أيضاً:
ولقد ذكرتك والجماجم وقّع تحت السنابك والأكف تطير
والهام في أفق العجاجة حوّم فكأنها فوق النسور نسور
فاعتادني من طيب ذكرك نشوة وبدت عليّ بشاشة وسرور
فظننت أني في مجالس لذّتي والراح تجلى والكؤوس تدور
أمّا الإمام الحافظ أثير الدين فلقد قال في هذا الصدد:
لقد ذكرتك والبحر الضخم طغت أمواجه والورى منه على سفر
في ليلة أسدلت جلباب ظلمتها وغاب كوكبها عن أعين البشر
والماء من تحتنا والمزن واكفة والبرق يستلّ أسيافاً من الشرر
والروح من حّزَن راحت وقد وردت صدري فيالك من ورد بلا صدر
هذا وشخصك لاينفكّ في خلدي وفي فؤادي وفي سمعي وفي بصري

وأخيراً كأني بالشاعر عبد الله النجار وقد وقفت موقفاً أصعب وأعسر من موقف عنترة وغير عنترة فقال:
ولقد ذكرتك والحمار معاندي فوق الحديد وقد أتى ( البابور)!!
تلك طرائف ولطائف وردت في أشعارنا فتأملوا(!!)

نزار نجار

 

 

المزيد...
آخر الأخبار