تتحدث د. بشرى عباس عن بريخت (١٨٩٨ـ ١٩٥٦) والحرب, فتقول: غالبآ ما تكون وجوه نساء بريخت في (مسرحياته التهذيبيّة) وجوهآ مُدهِشة، و يتوسّل بهنّ بريخت لإطلاق رسائله الشخصية، و لا سيّما متى يعني الأمر الحرب؛ فهنا موضوع مُسيطِر لدى بريخت المُوالي لمنحى السِّلم. فالأم كارّار، و الأم كوراج (الشُجاعة) قد أصبحتا المثل لضحايا الحرب.
في الدّراما (بندقية الأم كارّار ١٩٣٨)، تعترف هذه الأم و قد أمسى ولدها أحد ضحايا الفاشية بأنّ المرء، إذ يرفض البنادق، يستطيع التحرّر من النزعة الفاشيّة في معظم الحرب الأهليّة؛ بل بتشكيل جبهة نضال تسعى إلى النهوض بعملٍ تضامنيّ.
و مع (الأم كوراج و أولادها، حوليّة حرب الثلاثين عامآ ١٩٣٩)، قد دمغ بريخت تاريخ المسرح بسِمته، و لو بأداء امرأته الرائع، هيلينا فايغل. وفي هذه الدّراما يُعارِض نموذج المرأة نموذج الأم كارّار هذه المُتسكّعة التي يُسمونها (الأم كوراج، الشُجاعة) ضحيّة نزاع أخلاقي: فهي تروم الذّود عن أطفالها من اضطّرابات الحرب، و تودّ في الحين نفسه الاستفادة من هذه الحرب لكي تجمع الأموال. و في نهاية المطاف، ستُتابع هذه (الضبعة في ساحة القتال)طريقها وحيدةً: فقد مات بنوها؛ لكن ما حدث لم (يُعلِّمها أيّ شيء). وهنا بالذات، يترتّب على المُشاهِد أن يخلص إلى العِبرة من هذه المسرحية التهذيبيّة.
“نحن أيضآ مُرهقون
وفي آمالنا خائبون
نرى السِّتار مسدولآ
ويظلّ الإشكال مفتوحآ
فهيّا أيّها الجمهور! بدوركَ! هلّا تقوم!
هيّا ابحثْ عن الحُلول
عن المُوفَّق من الحُلول!
فلا بدّ من ذلك! لا بدّ!”