بداية القصة من مدينة مزدحمة بالأحياء العريقة مكتظة بالسكان المتعددي الأعراق، في حي شعبي تقليدي يقع في بناء قرميدي فيه مكتب عتيق أثاثه أنيق يعمل به مهندس كمبيوتر خبير معلوماتية أمامه منضدة عليها كتب ودفاتر مصففة وأقراص ليزرية مدمجة مؤرشفة وهو جالس يتابع موقعاً للتواصل الاجتماعي لفت انتباهه مقطع فيديو لشهاب يهبط من السماء المرصعة بالنجوم بين سلسلة جبال عالية جبالها خضراء حوافها جرد، بثناياها تزخر الشلالات النهرية الغزيرة، تفيض بالهطل الشاهق الدافق حيث سقط النيزك اللماع المعدني الغامض بانخساف واضح في إحدى الأدغال الشجرية المطيرة المدارية، واندلع حريق ضخم بأشجار المانجو والموز وجوز الهند والفريز والليمون والبرتقال والحيوانات البرية دب الذعر بها وهي تفر هاربة، فالقردة تتقافز مع الأرانب والسناجب، والكناغر تقفز مع وحيد القرن المذعور وهلع الليمور وكواسر كالوشق والنمور والفهود سباع كلها تزمجر بسبب حادثة تلك الكارثة الطبيعية، لكن الدببة المتدربة سارعت لنجدة رفاقها، بينهم دب الباندا العملاق ذهبوا لمدربهم الذي يشتغل بخيمة سيرك ومعه آنسة بدوية تعزف على القيثارة والمزمار، ولاعب خفة مهرج يضحك المتفرج وثلاثة أخوة حلاق وخياط جمعهما ووحدهما استخدم الشفرات الحادة والمقص وثالثهم بروفيسور حكيم عالم أحياء عبقري متقن لخمس لغات محكية كتابة ومحادثة، فوجئ المدرب بحيوانه الأليف المرتعب يصيح ويشير نحو الغابة المشتعلة نظر فإذا بسحابة دخان ضخمة وألسنة اللهب الحارقة تجتاح الشجيرات بأغصانها المثمرة والنار تكتسح الحشائش وتأكل الأخضر واليابس ركض مسرعاً لصديقه الإطفائي وركبا مروحية طارت فوق النيران والحرائق تطوق قطعان الايائل والثيران والطائرة بدأت ترش مواد الاطفاء على فترات قصيرة يساعدها صحن طائر يركبه يوفق وهو كائن فضائي من مجرة قريبة يحب الخير ويعرف المجموعة الشمسية ويريد مساندة كوكب الأرض وبراً تساعدهم جرافة مجنزرة ودبابة روبوتية ذكية، يقودها جندي مقاتل تمر عبر الحواجز مجهزة بمدفع ليزري خارق شعاعه جليدي يجمد الأشياء فوراً، سكنت الضوضاء وانطفأ اللهيب وأطل الصبح المندى بقطرات ماء منقى، وصاح الديك معلناً نهاية مصيبة كادت تفتك بكائنات حية وتفني مخلوقات مهددة بالانقراض، فضل الإنقاذ يعود للحكيم البطل الذي أنقذ أهالي مدينته البهية، زميله المهندس اتصل به يدعوه لحفل زفافه عند أهله وحضر الشيخ الجليل جامعاً كل الأحباب والاخيار في عرس مهيب يسيرون بموكب حافلات بشارع عريض بجنباته تقف الزرافات والفيلة الأليفة تحيي بصوتها وخراطيمها للعروسين الجميلين الأنيقين، فالعروس تضحك سعيدة بثغرها المبتسم وأسنانها اللؤلؤية وشعرها الكثيف يتمايل، أما العريس النفيس فهو سعيد صولجانه غيتار كهربائي جديد مقبضه برونزي، وفوقهما سرب مناطيد تطير يركبها أناس عفويون يرشونهم بالبهرجان والورود والعطور وتتصدح حناجرهم بزغاريد وفي الساحات والميادين كانت الدبكات الشعبية على أنغام صوت الفونوغراف القديم متحمسة بأغاني أسطوانات جهاز الديجي الحديث ومضت الأعوام والسنوات رزق الزوجان بأطفال فكانوا أسرة صغيرة وصاروا عائلة كبيرة.
طلال علي حيدر