في زمن الضجيج الإعلامي وهو يقدم الخطاب الثقافي والسياسي بطريقة مسفة من خلال الفيس بوك وتوتر ……ومنابر أخرى , أصبح أكثر الناس محللين سياسيين واقتصاديين واجتماعيين وفلاسفة وشعراء وكتاباً وأصحاب حكمة تتجاوز حكماء الغرب والشرق .
وأمام هذا السيل الجارف من الجداريات (وعذراً من محمود درويش ) بوستات تقدم بشكل مجاني بمناسبة وبلا مناسبة , والمصيبة الكبرى بأن المحطات الفضائية ليست أفضل حالاً , برامج بالطبخ والفلك والغناء ,تجيب عن كل الأسئلة المعلقة بالهواء .حتى البرامج الثقافية على ندرتها تقدم خطاباً ثقافياً فكرياً متخلفاً ,وقلما تجد منبراً يقدم خطاباً متوازناً دون شطط أو جلد للذات العربية المغيبة , وتستغرب من هؤلاء أصحاب الدكاكين الثقافية ,بتصدير آراء ورؤى لواقع محاصر بالظلام ,دون أن يحاولوا إشعال شمعة تبدد قليلاً من وحشة الظلمة القاتلة .
أمام هذا المشهد العبثي لا تملك إلا الصمت (رغم أنه موقف سلبي ) الصمت أمام تبجح هؤلاء الجهابذة , والصمت أفضل بألف مرة من أن تشاركهم الرقص على الحبال ,والتلون بألف لون ولون , فالصمت موقف رافض لهذه المهزلة القائمة , الصمت هو أضعف الإيمان بأن لا تساهم بهدم آخر جدار لهذه الأمة التي تتعرض لأفظع حملة في التاريخ من قوى الغرب ,وربما ( لا سمح الله) تحاول أن تقتلع هذه الأمة من جذورها. الصمت في هذا الزمن أكثر بلاغة من تشدق هؤلاء .