دموع الفرح والحزن في أول يوم تحرير .. شهادات الأمهات الحَمويات

 

الفداء_ صفاء شبلي  

في الساعات الأولى ليوم التحرير، وقبل أن تشرق الشمس تماماً على سوريا الجديدة،

كانت أم مصعب واقفة عند باب بيتها في أحد أحياء حماة، سمعت أصوات أقدام الشباب يركضون في الشارع ويهتفون «الله أكبر»، فركضت هي أيضاً، تمسح دموعها بطرف عباءتها.

خرج ابنها وهو في الثالثة عشرة، وغاب سنوات طويلة،

وبين العائدين رأته: كبر، طال شعره، ونبتت له لحية شقراء، لكن عينيه بقيتا كما هما، ركضت إليه، ضمّته بقوة، تتحسّس يديه الصغيرتين اللتين صارَتا خشنتين محفورتين بآثار السلاح، بكت وضحكت وصرخت: “الحمد لله الذي ردّك إليّ يا ولدي”.

في الشارع المجاور، كانت أم خالد تجلس على عتبة البيت، تحضن صورة ابنها الشهيد، كان عمره تسع سنوات حين استشهد في مظاهرة «أطفال الحرية» برصاص قناص، خرجت تشارك في الفرحة مع الجيران،  ضمت  صورة ابنها على صدرها وهمست له:”الوطن  تحرر يا ماما… ليتني رأيتك بين العائدين “، ففرحتها بالنصر كانت كاملة، لكن قلبها ظل ناقصاً إلى الأبد.

وفي بيت آخر، خرجت أم عمر يوم التحرير تبحث بين العائدين عن وجهٍ يشبه ابنها الذي اختفى منذ سنوات، إذ لم يصلها عنه أي خبر يبدّد حيرتها بين كونه حياً في سجن مجهول، أو مدفوناً في مقبرة جماعية، أو ما زال مختطفاً في مكان بعيد، ولا تزال حتى الآن تتفقد الباب ، علّها تراه عند عتبة البيت .

أما أم محمد، فكانت تعيش منذ عشر سنوات على صور ومكالمات فيديو متقطعة، ابنها هرب من بطش النظام البائد ، تزوج في إدلب ، ورُزق بأطفال لم ترهم إلا على شاشة الهاتف ، وفي  يوم التحرير، وصل ابنها ومعه أطفاله الثلاثة، فتحت لهم الباب، واحتضنت أحفادها واحداً تلو الآخر، تمسح على رؤوسهم، وتبكي وهي تقول: «الحمد لله اللي جمعني فيكم قبل ما أموت».

في ذلك الفجر، كانت دموع الأمهات السوريات مزيجاً لا يوصف: دموع فرح على من عاد، ودموع حزن على من غاب، ودموع أمل على من لا يزال مجهول المصير. كانت تلك الدموع أصدق شهادة على سنوات الصبر والتضحية والعزيمة التي تحمّلتها أمهات سوريا.

#صحيفة_الفداء 

#معركة_ردع_العدوان 

#عام_على_التحرير

المزيد...
آخر الأخبار