ان تكتب َ عن الشهداء في عيدهم ،
يعني ان تكتبَ عن الطُهر بابهى صوره، وانقى سرائره، عن البطولة والشرف ،عن الفداء والعطاء، عن الخلود الأبدي ،عن القيم الإنسانيّة ،بارقى تجلياتها… لانْهم الشُّهداء، رمز التضحية والفداء، كانوا في المقدمة، في الطليعة، سيّجوا الوطن بدمائهم الذكية، وارواحهم الطاهرة ،وعبروا إلى الخلود الابدي …
ولأنهم رفضوا الخنوع والرضوخ والإستسلام لإرادة المحتل العثماني ، الذي اراد إسكات الصوت المقاوم، وإخماد جذوة النضال والتحرر ،
ولانهم طالبوا بابسط حقوق بلادهم بالحريّة والاستقلال، امر جمال باشا السفاح والي دمشق العثماني بإعدامهم
في السادس من آيار عام 1916،فكانت الأمة على موعد جديد ٍمع الضياء ،وبداية انتصار الحق والمقاومة، اذ لا انتصار بلا تضحيات، ولا استقلال بلا شهداء….
لقد شكّل السادس من ايار ، عاملاً رئيساً لانطلاق الثورة العربية التي انهت الاحتلال العثماني وعبّدت الطريق امام الاجيال القادمة لمقاومة الاستعمار والاحتلال ومشاريع الهيمنة ،من خلال تكريس وتعزيز فكرة الشهادة كقيمة عظمى في عقول وافئدة الإنسان العربي ،واصبحت شريعةً وقانوناً على مر الازمنة والأجيال …
منهم استمرت قوافل الشهداء، قوافل النور ،التي اضاءت دروب الكفاح و النضال، فكان شهداء الاستقلال ضد المحتل الفرنسي وتطهير الوطن يالدماء الطاهرة الذكية، في ملاحم بطولية عمّت ارجاء سورية، اذاقت المحتل مرارة الهزيمة والهوان، ودفعته بعد اكثر من ربع قرن من الكفاح والنضال بكل اشكاله وألوانه، للجلاء عن ارض سورية في صبيحة السابع عشر من نيسان عام 1946 فكان الجلاء عرس الوطن الخالد.
ولانهم ينابيع عطاء ،استمرت قوافل الشهداء، قوافل النور ، فكان شهداء الصراع العربي الصهيوني حيث روت الدماء الطاهرة ثرى الجولان وجبل الشيخ في حرب تشرين التحريرية وحرب الاستنزاف ،وتحرير مدينة القنيطرة ورفع علم الوطن في سمائها عالياً خفاقاً ….
وبإرادةٍ ثابتةٍ وإيمانٍ مُطلق بحتميّة الإنتصار، واجهت سورية الإرهاب الأسود فكراً وممارسة ً ،حاربته بالعقيدة والإيمان بالوطن، لاحقت فلوله في كل الجغرافية السورية، وطهرت البلاد من رجسه، لقد قدمت سورية وخلال العشر سنوات الماضية من حربها ضد الإرهاب، قوافل الشهداء في حرب ٍمركّبة ،حرب هي الاقذر في تاريخ الحروب، اراد منها الاعداء تدمير سورية بحضارتها وتاريخها وإنسانها الممعن في النقاء والجمال، فكانت حربها الوطنية العظمى ضد الإرهاب والفكر التكفيري الظلامي العابر للحدود، لقد قدّمت سورية قوافل الشهداء دفاعا عن وجودها وحضارتها الإنسانية من رجال الجيش العربي السوري وقوى الامن الداخلي والقوات الرديفة، حيث اعادوا الامن والآمان إلى ربوع الوطن وسيجوه بالمقل واهداب العيون.
وتخليداً لهذا اليوم ومنذ قرن ونيف أصبح السادس من ايار عيداً قومياً في الوطن العربي ،حيث ياخذ في سوريا كل الإهتمام، إيماناً منها بعظمة الشهادة والشهداء، لانها -الشهادة – كما وصفها القائد المؤسس حافظ الاسد «قمّة القيم وذمّة الذمم »
ولانهم في قلبه وعقله ووجدانه، خاطب َ السيد الرئيس بشار الاسد اسر الشهداء:
《وإذ ننحني إجلالاً أمام عظمة شهدائنا وجرحانا فإنه من واجبنا أن نقف احتراما أمام عظمة عائلاتهم الجبارة، فتحية لهم على ما ربوا وتحية لأبنائهم على ما قدموا 》.
ولأن «الشهادة خلود » كتبَ شهداءُ سورية اسفارَ الخلود بدمائهم، فكانوا عنواناً للكرم وابجديّةً للعطاء، هم الاعلون ،في حياتهم واستشهادهم وخلودهم، منهم تتعلم الاجيال معاني البطولة والفداء والتضحية ،ومن خلالهم تتجسد الوطنية والنبل الإنساني بابهى صوره …في عيد الشهداء «اكرم من في الدنيا وانبل بني البشر » تنحني الهامات إجلالاً وإكباراً لدمائهم الذكية، لارواحهم الطاهرة، لكرمهم، لتضحياتهم،لنبلهم، لعطائهم الذي لا تحدّه حدود، ولانّهم الشهداء، بيارق العزّة والكرامة ….ولانّهم الشهداء الضياء المشرق، تمضي قوافلهم يحرسونَ فجرَ الوطن، ويكتبون عنوان كرامته ومجده وانتصاره باحرف ٍ من نور .
*حبيب الإبراهيم