الإنسان ليس كتلة جامدة، ولن يكونَ حالة واحدةً راكدةً، كمستنقع، هو كحالة شريط الفيلم السينمائي،متلاحق الصور، متغير الألوان والحركات، في كل لحظة، ربما على حال، ولكن بخيط متين ترتبط مستقراً بشخصيته، التي بناها بالتجربة والعلم والمعرفة .. هذا الكائن، يملك القدرة على نقل بعض مايملك من صفات، إلى الآخر ،الذي يصادف تواجده معه، أو يلتقيه عابراً أو لوقت معين، ربما يدوم، أو ينقطع .. في المصادفة، حين تلتقي الآخر، يكون انجذابٌ، أو تنافرٌ، أو حالة غير ذي قيمةٍ،التي تشبه ،كأن شيئاً لم يكن ،ولم يترك أثراً سلبياً أو إيجابياً.. ولحالة التفاعل هذه، والتي سميت بالكره أو المحبة، التي نلاقيها، في لحظة اللقاء الأول، وقبل أن يكون بين الطرفين،أي كلام ،وأية معرفة مسبقة، لها أسبابها الذاتية والموضوعية، وتتحدد بالآتي: حالة الشخص النفسية في تلك اللحظة . حالة الشخص الجسدية، تاريخه الشخصي منذ طفولته ،وتربيته ودوافعه المكبوتة. ما الشيء الذي يبحث عنه في تلك اللحظة والموقف . ثقته بنفسه وبقدرته على الجذب والتواصل مع الآخر، رغبته في التعارف وانفتاحه على الآخر، أيضاً ملامح الشخص الآخر، من حيث الشكل الخارجي، قدرة ملامح الوجه على التعبير، حركات العين والشفاه والأصابع وقدرتها على الكلام الصامت وإرسال رسائل فيها دعوة للمحبة، أو عكس ذلك . ويأتي، بعد ذلك، الوقت والمحيط المكاني والروائح المرافقة،التي تساهم وتساعد على أن يكون هذا اللقاء إيجابياً أو سلبياً، فنحب أو نكره، منذ اللحظة هذه .. إنها ليست مصادفة، وليست مبتورة عن أسبابها، هي مرهونة بظروف لحظتها والحالة من كلا الطرفين .
وبالمتابعة نرى أن مايسمى بالحب من النظرة الأولى، هي مرهونة بما ذكرنا من شروط موضوعية، يضاف إليها مايقال من أن هناك « طاقة الحياة « التي يملكها الشخص، وهي كامنة، ويتم إرسالها في لحظة معينة،ويصادف أن الآخر،يرسل في ذات اللحظة، فيلتقيان في اللحظة هذه،مصادفةً، فيتم الانجذاب أو التنافر، أو حالة ارتياح، أو شغف ما، نسميه « الحب من النظرة الأولى .
وعلى كل حال، أرى أنه لايعتدّ بالانطباع الأول السريع ،في الكره أو المحبة أو الارتياح الذي نلاقيه في المواجهة الأولى، أو العابرة.. فالكثير من الحالات تتغير بعد المعرفة، وتحديداً،التي تكون قد تأسست على مظاهر الشكل الخارجي، أو حالات التنميق والتمثيل والمخاتلة.
أيمن رزوق