القلم صديقي المخلص أبوح له فلا يفشي سراً لي ، أحدثه فلا يمل حديثي ..لا يقاطعني، صبور على ما أخطه به،مطواعٌ ليدي التي ألفته وعانقته فصار لها رفيقاً، صديق صدوق في زمن عز فيه الصدق وانبرى كل شخص لهجرته التي هاجر إليها.
وليت من يعلم معنى القلم يعلم معنى البوح، ويدري معنى العذوبة في كلمات يخطها متأمل او متألم على ورق أبيض.
يسرد فيه ما جال في خاطره وعاناه من مكابدة فعانقت أنامله قلماً اتفقا معاً على عدم الافتراق،حيث أن الكلام ماعاد ليعبر عما يجول في النفس ،ومن يسمع في زمن قل فيه السامعون وقل فيه المعتبرون فيما تحمله الأيام من عواد أو تخبىء من أحلام وأحمال ناء بها صاحب فكرٍ سليم أجهدت كاهله فلاذ بصديقه وسطر به حروفاً من ذهب صاغتها له ذاكرته المثقلة بآلام شتى فما كان منه إلا أن أطرق رأسه أرضاً وتوالت على ذاكرته صور سالفة،رفع رأسه بعدها ليجد ضالته،غير أنه هزّ رأسه المثقل يمنةً ويسرة حائراً متلجلجَ الألفاظ مضطرباً،فقد سرقت أحماله لذة أحلامه فحل به شرود طويل، وانكفأ يتحسر على ماضٍ رغيد، وسرعان ما ملأت محجريه دموعٌ كانت نتاج معذبٍ مسكين عضّه ألم الحسرة والحنين
فانفلت القلم حينها من بين أنامله، وانهالت على وجنتيه دموع كثر علها تداوي جراحاً لطالما أحجم لسانه عن البوح بها .
فأطرق ملياً ثم عاد لانكفاءته.
رفيق اليونس