سنة الامتياز للأطباء المقيمين بين أخذ وردّ … الصحة:خدمة وطنية لحاجة المشافي … أطباء : عقوبة براتب قليل

يبدو واضحاً وصعباً ما تعانيه المشافي الحكومية من النقص الحاد من الأطباء المقيمين المتعاقدين ، رغم العدد الكبير من خريجي كلية الطب سنوياً وقد تحولت هذه المشكلة إلى معضلة حقيقية في ظل انعدام الحلول والمحفزات والاستجابة لمطالب تلك المشافي لسد حاجتها من هؤلاء الأطباء الذين أصبحوا فاقدي الرغبة بالعمل فيها لعدة أسباب ، منها ضغط العمل الهائل الذي لا يقابله سوى راتب لا يتجاوز /32/ ألف ل.س ولا يتناسب مع المؤهل العلمي والاختصاص ولا مع الأوضاع المادية الصعبة والمتطلبات والنفقات التي يحتاجها الطبيب المقيم .

سنة احتفاظ
ومن هذا المنطلق ونظراً للحاجة الماسة للأطباء المقيمين أصدرت وزارة الصحة مؤخراً قراراً يقضي بالاحتفاظ بطلاب الطب المقيمين لمدة سنة إضافية تحت مسمى ( سنة الامتياز ) حيث ينص القرار على إضافة سنة الامتياز إلى السنوات الدراسية لطلاب الطب ، وأوضح أن القرار يتضمن بأن الطبيب المقيم الذي أنهى تدريبه ونجح في امتحان الاختصاص يقوم بالعمل لسنة إضافية ضمن المرافق الصحية التابعة لوزارة الصحة ويعطى وثيقة نجاح وترخيص مؤقت ويتقاضى راتباً وتؤجل خدمته العسكرية لمدة عام كامل ، بالإضافة إلى السماح له بفتح عيادة خاصة به ، وأضاف : إن السنة الإضافية ليست عقوبة وإنما هي خدمة وطنية لكون المشافي في مختلف القطر تعاني من نقص بالكادر الطبي ومن واجب الأطباء تقديم الخدمة لبلادهم وخاصة بعد تحرير العديد من المناطق في الفترة الأخيرة ، مشيراً إلى أن توزيع الأطباء سيتم وفقاً للاحتياجات وتشمل جميع الاختصاصات : أطباء أسنان ــ داخلية ــ جراحة عامة ــ مخبر ــ صيدلة .
صائب من حيث المبدأ
قد يبدو القرار لمن يطلع عليه إيجابياً ولاتشوبه شائبة من حيث المبدأ إلا أن هذا القرار وقع كالصاعقة على رؤوس طلاب الطب المقيمين وشكل صدمة قوية ، وهم يحصون أيامهم وساعاتهم بانتظار التخرج ، ومن خلال إجراء لقاءات مع بعضٍ منهم بدا الاستياء سيد الموقف .
مناوبات طويلة ــ براتب قليل
الدكتور مضر فرحة ــ طبيب مقيم اختصاص هضمية ــ عدّ سنة الامتياز أحد الدوافع التي ستجعل معظم الخريجين يفكرون في الهجرة ، فبعد أحد عشر عاماً في دراسة الطب أتخرج ــ والكلام على لسان الطبيب ــ براتب /32/ ألف ليرة سورية لا تكفي لاستئجار عيادة ، فهل يعقل بعمر /30/ عاماً آخذ مصروفي من أهلي لتأمين الطعام واللباس والتنقل ؟ ! وهل من المنطقي بعد كل سنوات الدراسة والاختصاص وعمل /384/ ساعة مع دوام إداري في ستة أقسام ــ عناية عامة ــ عناية قلبية ــ داخلية ــ طوارئ ــ كلية ــ إنعاش مقابل /32/ ألف ليرة بينما عامل النظافة يعمل /172/ ساعة بدون دوام إداري وبراتب يفوق راتبي ؟ !
هل هكذا يتم الاحتفاظ بالطبيب ؟ وإذا كانت المشافي تعاني حقاً من نقص المقيمين ،فلماذا لا تقدم لهم تسهيلات للخدمة فيها ؟
إخلال بالعقد
كما أن سنة الامتياز هي إخلال بالعقد الذي تم إبرامه مع الطبيب من قبل ، رغم أن الراتب الذي يمنح للطبيب المقيم في المشافي الحكومية لا يكفيه ثمن طعام وشراب ووسائل النقل وأضاف : خمس سنوات ونحن نخدم بضمير حي وبأصعب الظروف وأقل الإمكانات ( نظام إقامة مجحف ، مناوبات مؤذية للجسد والروح ، تعرض لعشرات الأمراض بدون وسائل وقاية ومن دون حوافز مادية ، راتب شهريٌّ قليل لايغني ولا يُسمن من جوع ، وتحمل مرافقين لمرضى وتعرض للشتم والتهديد ، والتنقل بين عدة مشافٍ بدون مراعاة لأوضاعنا العائلية أو الصحية أو المادية .
عين المظلمة
طبيب آخر يقول ، نحن أولاد البلد أولى بخدمة الوطن ، وهذا أمر لايختلف عليه اثنان ، ولكن أي طبيب في العالم يقبل بهكذا أجر ، وأي طبيب يقبل أن ينام على فراش ممزق ويتناول وجبة طعام قديمة ، وأي طبيب يتحمل ما نتحمله من ضغط العمل في مشافينا ؟ لقد آثرنا الوطن على كل شيء ورضينا بكل الظروف ولكن سنة الامتياز هي عين المظلمة .
وفي العودة إلى نص القرار الذي أكدت فيه وزارة الصحة أن 30-40 % من الأطباء هاجروا من البلاد ما أدى إلى النقص في المجال الطبي ، لافتاً أن القرار يعود لوزارة الصحة ، ولاتتم مراجعة الطلاب أو إعلامهم به لكون الخدمة الوطنية ليست بحاجة إلى استفتاء .
لماذا ليس العكس ؟!
وهنا يتساءل بعضهم : لماذا يطلب من المقيم أن يخدم في الجيش واحتساب السنة الأولى من الخدمة الإلزامية بدل سنة الامتياز ، ولماذا لايكون العكس أي أن تكون سنة الامتياز بدل الخدمة الإلزامية طالما الهدف واحد هو الخدمة الوطنية ؟.
سنة امتياز أم سنة احتفاظ ؟!
أحد أساتذة الجامعة في مشفى حكومي يقول : إذا كانت البلد بحاجة إلى أطباء بشكل فعلي فالحل يكون بتغيير برامج وهيكلية الاختصاص بمسميات واهية سنة امتياز والأصح سنة احتفاظ ، وهي ليست في مصلحة الوطن لأن توظيف اختصاصيين في مناطق غير مخدمة من حيث التجهيزات سيؤدي إلى كوارث طبية مرعبة ، وأظن أن نقل المريض لمدة ساعتين بنظام إسعافي متطور وهو ما ليس موجوداً ، أفضل للمريض من تعريضه لعمل جراحي في أماكن نائية إلا إذا كنا نريد أن نخصص لكل خيمة طبيباً اختصاصياً .
فما يسمونه زوراً وبهتاناً سنة امتياز هي حسب مقابلة مدير الهيئة سنة خدمة والفرق بينهما كبير .
للخبرة
وفي الرد على ماجاء على لسان المدير العام للهيئة السورية للاختصاصات الطبية ، بأن السنة الإضافية لتحقيق نوع من الخبرات بين الأطباء والطلاب المقيمين ، وحسب رؤية وزارة الصحة بأن القرار وجد كون الطالب في السنة الأولى لايكون جاهزاً لتقديم الخبرة ولتحقيق الخدمة الإلزامية .
هل تشككون بشهادة البورد السوري ؟!
وهنا ظهرت اعتراضات واسعة من قبل الأطباء المقيمين على هذا الكلام وقالوا :
كيف تسمى هكذا سنة باسم سنة الامتياز وهو مالا حاجة للطبيب بها ، بعد أن نال شهادة الطب بعد امتحان كتابي وآخر شفوي وثالث عملي ، وما هو مشرف على الامتحانات من خيرة أطباء سورية ، بمعنى آخر :ماذا تريدون أكثر من هكذا امتياز وتجاوز هكذا امتحان ؟! ثم إن جميع المشافي عمودها هو الطبيب المقيم ويتعرض فيها لكل أشكال الامتحانات خلال سنوات الاختصاص الخمس ، فما الذي ينتظره في هذه السنة ليتميز !!خاصة أنه في آخر هذه السنة / الامتياز/ لايوجد فحص نوعي أقوى من فحص البورد للتأكد من أن هذا الطبيب تميز أم لا ، وفي هذه السنة الامتياز تسخيف لشهادة البورد السورية .
وأخيراً :
قد يكون إلزام الأطباء بسنة الامتياز صائباً من وجهة نظر وزارة الصحة ولكن الحل الصحيح لايكون بفرض خدمة إضافية لمدة سنة من حياة كل طبيب بدون وجه حق .
سلاف علي زهرة

المزيد...
آخر الأخبار