تؤهل الصغار والكبار لدمجهم بالمجتمع جمعية رعاية المكفوفين والصم والبكم بحاجة لدعم 40 مليون ليرة بالسنة تنفق على200 طفلٍ وطفلة
أطفال خلقوا والصمت يخنقهم، وأطفال آخرون خلقوا والعتمة داخلهم… من عيونهم يعلو نداء الحب… وعلى أصواتهم يخفق قلب الأمل… لغة الصمت تحنو على دفء المكان وتبعثر نظراتهم يعانق لغة الحنان.
أجمل ما نشعربه معهم أن الرحمة تخلق داخلنا الإنسان وتتدفق أنهار الحب بيننا لتحولنا إلى سُعاة للأمل… مُحاة للألم.. بناة للحلم…صناع للعلم.
هذه الكلمات المعبرة نقولها لكل أصم وكفيف، خلق ومعه الحسرة من إعاقته، وكانت جمعية رعاية المكفوفين والصم قد احتضنته بكل حب وحنان لتجعل منه إنساناً قادراً على العيش بسلام.
أهل الخير والجمعية
الفداء زارت جمعية رعاية المكفوفين والصم وتجولت في أرجائها وشاركت الأطفال والطلاب في يوم دراسي حافل واطلعت على جميع مراحل التعليم والخدمات المقدمة لهم، والتقت مديرتها ريما بارودي وتحدثت عن الجمعية قائلة: إن جمعية رعاية المكفوفين والصم بحماة تابعة لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل وتشرف عليها أيضاً وبالتعاون مع مديرية الصحة بحماة وهي أهلية خيرية تقوم على تبرعات أهل الخير ورجال الأعمال والأيادي البيض ومن استثمارات المباني التابعة لها وهي مدرستا الحكماء وأجيال الغد الخاصتان، إضافة إلى الأقساط الرمزية السنوية للطلاب حيث يبلغ القسط السنوي /24/ ألف ليرة سنوياً للطالب وتكون حسب استطاعة كل طفل ولا تطبق على الجميع ويعد هذا القسط رسم تسجيل مع إعفاء الأطفال والطلاب الفقراء منها.
40 مليون ليرة بالسنة
إذ يكلف الطالب /250/ ألف ليرة سنوياً مع الإشارة إلى تأمين المواصلات الخاصة لهم واحتياجاتهم وكتبهم وبهذا يكون المبلغ الإجمالي لتكاليف الجمعية سنوياً /40/ مليون ليرة وبهذا يكلف الطفل الجمعية أكثر من المدارس الخاصة.
رواتب شهرية
وأشارت بارودي إلى المواد العينية التي يقدمها رجال الأعمال وأهل الخير والمعامل من مواد تنظيف وقرطاسية وغذائية وبعض التجهيزات الخاصة بالجمعية وأيضاً تقدم للمكفوفين الكبار وعددهم /180/ كفيفاً مواد عينية وبعضهم رواتب شهرية وعدد الذين يتقاضون الرواتب /90/ كفيفاً إذ يتقاضى المكفوف المتزوج /5/ آلاف ليرة شهرياً أما العازب /3500/ ليرة شهرياً ويخصص لهم في كل يوم أربعاء زيارة للجمعية ويعد هذا اليوم ترفيهياً لهم.
تأهيل وتدريب
كما أشارت إلى أن من أهداف الجمعية رعاية المكفوفين الكبار وأيضاً المكفوفين الصغار يتم تأهيلهم منذ عمر ثلاث سنوات وأيضاً الصم والبكم ضمن برنامج التدخل المبكر والتعليم ويتم تدريب وتأهيل المعلمات بأحدث ما وصل إليه العلم و يوجد تدريب مهني للطلاب الصم والمكفوفين الكبار وتأمين خدمات متعددة لهم في التأهيل والتعليم والاندماج في المجتمع والمدارس النظامية.
شروط قبول الأطفال
وعن شروط القبول للطفل في الجمعية قالت: أولاً: وجود إعاقة سمعية أو بصرية وأن يكون سليم العقل والحواس الأخرى لضعاف السمع والجمعية تستقبل الأطفال من عمر 3 سنوات للمكفوفين وضعيفي البصر،أما ضعاف السمع فيتم استقبالهم منذ الولادة حتى عمر 6 سنوات.
وثانياً: يكون التشخيص المبكر للحالة من الشروط المهمة بعد إجراء تقييم للطفل (طبي ـ عقلي ـ اجتماعي ـ مادي للأهل ـ تأهيلي) ونقوم بإجراء البرامج الخاصة به ووضعه بالمستوى المناسب ويعتمد على تعاون الأهل وإرشادهم ليتم تأهيلهم وتعليمهم بالجمعية وأيضاً للطبيب المختص في الجمعية دور في تشخيص الحالة.
الكادر التعليمي والمهني
نوهت بارودي بالكادر التعليمي المؤلف من 35 معلمة ومشرفة وبينهم 15إدارياً ومهنياً ومستخدماً ومنهم 3 معلمات مشرفات مختصات بالإشارة ومخارج الحروف وعدد الصفوف 36 صفاً لجميع المراحل التعليمية ويتم توزيع الأطفال والطلاب حسب الحالة والإعاقة حيث يبلغ عددهم نحو /200/ طفل وعدد الطلاب الكفيفين 24 طالباً «صفوف « وطلاب الصم وضعاف السمع في القسم التعليمي 135 طالباً وتدخل مبكر /50/ طفلاً , وبينت أن الكادر التعليمي يحمل شهادات علمية ومؤهلات وخبرات ورواتبهم من التبرعات والأجور الرمزية للمدرستين (الحكماء ـ أجيال الغد) ويبدأ الدوام من الساعة 8 صباحاً وحتى 5ر1 ظهراً.
سمّاعات مجانية
وبينت بارودي أن الجمعية تقدم سماعات للطلاب مجاناً وحسب درجة نقص السمع حيث يقدر سعر السماعة ما بين 150 إلى 200 ألف ليرة وحاجة الطفل أو الطالب سماعتان ويوجد 19 آلة (برايل) الأحرف النافرة ويبلغ سعر الآلة الواحدة 500 ألف ليرة مع العلم أن الطفل الكفيف يحتاج إلى آلة واحدة.
الصعوبات
وعن أهم الصعوبات التي تواجه العمل أكدت بارودي أن الجمعية تملك (ميكروباصاً) واحداً وهو لا يكفي لتأمين المواصلات للأطفال والطلاب ما اضطرهم لاستئجار اثنين آخرين لحاجتهم الماسة لهما لتأمين الراحة للأطفال وأيضاً يوجد صعوبة في تأمين مازوت التدفئة علماً أن الجمعية بحاجة إلى المادة بسرعة، وأيضاً لدى الجمعية أجهزة كمبيوتر لا تكفي حاجتها، وهي بأمس الحاجة لها علماً أن بعضها يحتاج إلى صيانة دائمة لتطوير العمل فيها،وتقترح بتوسيع بناء الجمعية كي يتسنى لها تقديم الراحة الأمثل والتعليم الأفضل في المستقبل وذلك لأن أعداد الأطفال والطلاب في تزايد، وأيضاً تأمين معلمات اختصاصيات لبعض المواد من مديرية التربية وذلك عن طريق التكليف إذا أمكن ،والجمعية تحتاج لزيادة في ورق الطباعة وخاصة الآلات ( برايل ) الضرورية في تعليم المكفوفين مع تأمين القرطاسية ، مع العلم أن الجمعية تحتاج إلى /25/ سماعة إضافية على الأقل و/10/ آلات (برايل ) لتغطي النقص الحاصل فيها وخاصة في حال تعطّل بعضها الآخر لأن ميزانية الجمعية من التبرعات وأهل الخير والأجور لا تكفي لشراء بعض الأجهزة وغالباً ما تغطي الجمعية نفقاتها مع أجور العاملين فيها !.
التشخيص المبكر للعلاج
وكان لنا لقاء مع الطبيبة المشرفة على الطلاب والأطفال في الجمعية الاختصاصية في أمراض وجراحة الأنف والأذن وخبرة بالصم وضعف السمع تغريد اللجمي وتحدثت لنا قائلة: إن التشخيص المبكر لضعف السمع مهم جداً في الأسبوع الأول من الولادة ووضع السماعة المناسبة فوراً بأصغر عمر من /3ــ 6/ أشهر إذا أثبت أن الطفل ضعيف السمع لما لها من أهمية برفع العتبة السمعية ثم التأهيل ضمن برنامج التدخل لنقل الطفل المعوق من عالم الصمت إلى عالم الكلام( من عمر ست سنوات وما فوق ) ويقصد ببرنامج التدخل المبكر تأهيل الأطفال وضعاف السمع لدمجهم بالمجتمع والمدارس النظامية ضمن نظام متكامل يعتمد برامج ( سمعية ــ لفظية ) واعتماد طريقة اللعب وتوفير الوسائل الإيضاحية السمعية والبصرية وأيضاً البرنامج يشمل المهارات اللغوية التخاطبية ويكتمل ببرامج الموسيقا والفنون والرياضة والكمبيوتر.
التدخل المبكر
كما أشارت الدكتورة اللجمي إلى أن التدخل المبكر يقوم بتقييم عقلي لمعرفة قدرات الطفل وتحديد الضعف والقوة لديه ويعمل البرنامج على تنمية المهارات الحسية والحركية والعقلية للأطفال ويعلمهم القراءة والحساب والعلوم واللغة الإنكليزية التي تسبق مدرسة المرحلة النظامية كما يقدم لكل طفل جلسات فردية لتنمية مهاراته ويهتم البرنامج بالإشارد الأسري لما لدور الأهل ووعيهم من أهمية بالغة من خلال اجتماعات شهرية وتقدم الخدمات الاجتماعية الطبية اللازمة للأطفال .
فحص طبي دوري
وتحدثت الدكتورة اللجمي عن الفحص الطبي اليومي والدوري والمجاني في الجمعية وتقديم الاستشارات الطبية الخارجية وتوزيع أدوية مجانية وتأمين اللقاح بالتعاون مع الصحة المدرسية ويتم تقديم مساعدات عينية في المواسم والأعياد .
وهدف هذا البرنامج الوصول بالطفل ضعيف السمع إلى الدمج بالمدارس والمجتمع .
التعامل مع الطفل المعوق سمعياً
وعن كيفية التعامل مع الطفل سمعياً بينت اللجمي أن أهم أسلوب هو الابتعاد عن الشدة والعنف أو التراخي ووضع السماعة دوماً والحفاظ عليها والتحدث المستمر مع الطفل وتشجيعه للنظر إلى الوجه أو الشفاه والتحدث معه عن قرب وإظهار الاهتمام والحماس أثناء التكلم معه.
روضة ومدرسة
كما التقينا مديرة المدرسة التعليمية في الجمعية الآنسة إسعاف اللبان لتحدثنا عن العملية التدريسية فيها قائلة: إن العملية التعليمية في الجمعية مقسمة إلى قسمين، روضة ومدرسة حتى الصف السادس حيث يتم في الروضة تأهيل وإعداد الطفل الكفيف وضعيف البصر ضمن برامج تدريبيه مثل : تنمية الحواس ومهارات الحياة اليومية والاجتماعية والحركية والتنقل ومهارات أكاديمية مثل القراءة والكتابة عن طريق (برايل ) واستخدام الكمبيوتر المزود ببرامج ناطقة .
مدرسة متكاملة
كما أشارت الى أن المدرسة متكاملة مؤلفة من ثلاثة أقسام (القسم التعليمي ــ التدخل المبكر ــ المكفوفين ) والمكفوفين مؤلف من الصف الأول إلى الصف الرابع ويعطي برنامجاً كاملاً كما في المدارس النظامية تحضيرياً وتمهيدياً للصف الأول ويوجد إعاقات صمم جزئي وصعوبات في النطق أو صمم كامل فيجب على المعلمة أن تضاعف جهودها لتدخل المعلومات إلى ذهن الأصم وتستخدم لغة الإشارة والأسلوب المبسط لتتناسب مع عمره وتفكيره ومراعاة الفروق الفردية للتلاميذ مثل الإشارة وحركات الفم والنطق السليم للحرف والتكرار وتقرن الوسيلة الحسية مع اللمسية والسمعية ،وهذا البرنامج يحقق أهدافه بحيث يهيئ التلميذ للدمج من الصف الرابع إذا تحسن نطقه وطبعاً مع وجود السماعات وتكون نسبة التحسن 70% ويدمج مع المدارس الخاصة أو الحكمة وأجيال الغد وذلك بعد تقديم تقرير من الدكتورة المشرفة في الجمعية .
معلمة للأطفال المدمجين
ونوهت اللبان إلى وجود معلمة (مصادر) ويتم فرزها للمدارس النظامية لتساعد الأطفال المدمجة وتقوم بقراءة السؤال وتبسيطه أثناء الاختبار وعلى التلميذ أن يجاوب والمعلمة تعالج مشكلاته التعليمية مع المعلمة في المدرسة العادية، وأعداد التلاميذ الذين اندمجوا هذه السنة في المدارس /4/ حسب الحالة الصحية ويوجد صعوبات في استقبالهم وحديثاً تم إحداث شعبة خاصة في المدارس الحكومية اسمها (مصادر) وفرزت التربية معلمة خاصة لهم .
ورعاية المكفوفين أيضاً
وأيضاً المكفوفون تتابع حالاتهم عن طريق تعليمهم على آلة (برايل) ولكن لا يمكن دمجهم ويُتابعون لينالوا شهادة التعليم الابتدائي في المدرسة الاجتماعية بالتعاون مع التربية وأيضاً يوجد معلمة تتابع حالاتهم ويتم تقديم الامتحانات الخاصة بالمكفوفين للشهادتين الأساسي والثانوي في مدرسة عبد العزيز عدي ويتم الإشراف عليهم عن طريق التربية وهناك طلاب مكفوفون حصلوا على الثانوية وشهادات جامعية وتم توظيفهم في الجمعية ويتم صرف مبلغ شهري لهم .
دورات مهنية
وأشارت أن القسم المهني ويستقبل اليافعين من عمر /15/ وما فوق وقد حصلوا على الشهادة الابتدائية لدى الجمعية ولم يتابعوا تعليمهم وأيضاً يستقبل طلاباً وأشخاصاً من خارج الجمعية وهناك دورات دورية لتعليم المهن لمدة ثلاثة أشهر ومن المهن ( حلاقة رجالية ــ نسائية ــ الكوي ــ التنظيف) .
مواهب مميزة
أشارت اللبان لوجود مواهب في الجمعية ومشاركتهم في الفنون والرسم والأعمال اليدوية وأيضاً مشاركة الجمعية في المعارض والنشاطات الثقافية والمناسبات ورحلات ترفيهية إلى الحدائق والمناطق الأثرية داخل المحافظة ويقدم لهم وجبات غذائية وعصائر.
الصعوبات التعليمية
بينت اللبان وجود نقص بالكوادر والوسائل التعليمية والتجهيزات مثل المقاعد ووسائل الإيضاح علماً أنها باهظة الثمن ونأمل بتعاون أكبر من مديرية التربية علماً أنها زودتنا بكتب من مستودع الكتب المدرسية لأن المنهاج الذي يدرس في الجمعية (واحد) وحبذا لو تزودنا ببعض المقاعد ووسائل الإيضاح ووسائل رياضية وموسيقية وتكليف بعض المعلمات وندبهن إلى الجمعية ليتم تدريبهن مستقبلاً وتأمين لجنة للصيانة وأيضاً يوجد صعوبات أخرى مثل تأمين مادة مازوت التدفئة والسماعات وآلات (برايل) وقلة في وسائل النقل للطلاب والأطفال, ونأمل بتوسيع البناء الخاص بالجمعية علماً أن هناك فكرة لاستثمار بناء الصم والبكم في سلمية .
رأي المحرر:
مع انتهاء جولتنا في جمعية رعاية المكفوفين والصم نقول : إن مد يد العون هو بناء لمستقبل ناجح لإنسان يحتاج لأن يجد سنداً له ولنغدق بالحب ليزهر القلب ….ولنشحذ الهمم لنمحو الألم ….ولنزرع الأمل لينبت الدرب….
هناك من يدعم بالمال ليحوله إلى حب وهمم فلنساهم معاً يداً بيد لنربّت على أكتاف هؤلاء الأشخاص الذين خلقوا بأقدار من الله ولنجعلهم صابرين شكورين…ونقول لهم : إلى الأمام .
صفاء شبلي