أرنست همنغواي روائي عالمي بامتياز ,قدم الكثير للرواية العالمية (وتشرق الشمس ثانية) ورائعته (وداعاً أيها السلاح )ونشيده الإنساني (لمن تقرع الأجراس)وطبعاً لن ننسى روايته الخالدة (الشيخ والبحر)ونال جائزة نوبل للآداب عام 1954وبعد كل هذا أرنست همنغواي لا يقرأ ………..
حياة فرانسيس ماكومبير ..وخيانة المترجم..
هي مجموعة قصيرة حملت عنوان (حياة فرانسيس ماكومبير القصيرة السعيدة)وهي إحدى القصص من كتاب تجاوز ثلاثة مائة وثلاثين صفحة من القطع المتوسط ,وقام بترجمة هذه المجموعة القصصية سمير عزت نصار ,وصدرت عن دار الشروق للنشر والتوزيع –عمان-الأردن .
أعتذر مسبقاً بأنني لم أسمع باسم هذا المترجم ,وربما تقصير مني ,ورغم هذا ليس مهماً إن كان ذا تاريخ هام بحقل الترجمة أم لا ,فالمهم كيف ترجم هذه المجموعة القصصية وماذا أضاف إليها بذائقته الأدبية والفنية ..
بداية الخطأ يبدأ من عنوان الغلاف الخارجي فقد وضع كلمة السعيدة قبل القصيرة ,ويعود بالصفحة الأولى ليصحح العنوان (وربما هو خطأ مطبعي ) ولكن وأنا أقلب الصفحات الأولى بدأت أفقد متعة القراءة ,وشيئاً فشيئاً أصابني الملل ,وكنت في كل مرة أقول ربما(أقول ربما ) النص الأصلي يحمل بعضاً من الركاكة ,هي التي أوقعت المترجم بهذا المطب الأدبي ,وبعد أن قرأت عدة قصص بصعوبة بالغة أيقنت بأن المترجم قد ترجم بشكل حرفي ,دون أي موهبة أدبية, نعم هو ليس أكثرمن متعلم يتقن اللغة الأجنبية سواء كانت (انكليزية أو فرنسية أو اسبانية ) وقام بفعل الترجمة دون أي مرجعية أدبية أو قصصية ,فلم يمنح النص القصصي سمة الأدب ,وأعتقد إن السبب الجوهري هو غياب الموهبة والرؤيا الفكرية أو الأدبية .
د سامي الدروبي …وإنجازه….
عندما تقرأ بعضاً من الأدب الروسي وتكتشف عبقرية وروعة الروائي العظيم دستوفسكي ,مثل رواية (الأبله) التي كتبت بسلاسة وشغف وأنت تقلب صفحاتها ,وأكثر من المتعة التي تمنحك إياها ليس بين السطر والآخر ,بل بين الجملة والتي تليها وبأن النص الروائي قد صاغه روائي من أهم الكتاب بالعالم ,إن لم يكن هو سيد الرواية العالمية (حسب رأيي المتواضع),وقد قام بتشريح النفس البشرية (كأمهر الجراحين) بكل ما تحمله من تناقضات(الخير والشر ,القبح والجمال) تصل لدرجة التضاد ,نعم حتى قيل بأن عالم النفس الشهير فرويد قد استفاد كثيراً في أبحاثة العلمية الهامة جداً,(من روايات الروائي العالمي دستوفسكي ) ,والتي أحدثت انقلاباً عالمياً في دراسة علم النفس ,وتوصلت إلى نتائج بغاية الأهمية ,ما زالت تدرس في جامعات العالم .
ويعود الفضل لنا كعرب بأن أهم وأفضل الترجمات للأدب الروسي كانت على يد الأديب العربي السوري د سامي الدروبي ,لأنه كان أميناً على النص الروائي والقصصي , وأعمال دستوفسكي ترجمت بأقلام مترجمين كثر ولكن النقاد في الوطن العربي تأكدوا بأن أفضل الترجمات كانت من إبداع قلمه وتوهج اسلوبه و فكره , فالدكتور سامي الدروبي لم يكن مترجماً فقط بل كان أديباً ساحراً , يحول النص الروائي من لغته الأصلية فيضفي عليها ثوب وزخرفة اللغة العربية ,فتبدو بأجمل حلة ,وأقرب لروح وعقل القارىء العربي ,أميناً على تفاصيل وجوهر العمل الروائي ,حتى يتراءى للبعض وكأن دستوفسكي كان عربياً .
مأزق الترجمة
كثيرة هي الأعمال الأدبية (رواية –قصص- مسرحية) التي لم تنل من الدراسة والقراءة ما تستحق, والسبب الجوهري هو الترجمة ,وأعتقد بأن أصحاب دور الطباعة والنشر هم المسؤولون أولاً ,لأنهم يسوقون أسماء مترجمين لم يرتقوا للأدب,يجب أن نعترف بأن هناك فوضى بالترجمة في البلدان العربية ,فكم من عمل أدبي قرىء بترجمات متعددة ,ولم يحظ من المتابعة والدراسة التي تليق به ,إن المترجم هوالمبدع الثاني الذي يقدم بعداً جمالياً للنص الأصلي ولا يشعرك بالغربة النفسية ,يأخذك لعوالم ساحرة وكأنها قربيه منك وفي متناول يدك .