مع الفنان التشكيلي والموسيقي بديع العوير: لا أستطيع أن أتنفس بلا موسيقى أو ألوان

بلقاء عفوي جمعتني المصادفة به ,رغم تواعدنا أكثر من مرة , ولهذا كان الحوار عفوياً وحميمياً , الفنان بديع العوير قلما يبوح بأشجانه , يحلق بعيداً بجناحيه الفن التشكيلي والموسيقى ,هو خريج كلية الفنون الجميلة ولهذا عندما يرسم لوحة ما ,يفرش ألوانه بحب وألق , ويبدع موسيقى تداعب الروح والعقل .
لماذا اخترت الفن…؟
ـ ولمَ لا تقول بأن الفن اختارني (ويبتسم ) لأنني مارست الفن قبل المرحلة الثانوية ,أستاذنا المصري (أيام الوحدة) فجر فينا الكثير ,وقدمت عملاً أعجب به فعلا صوته قائلاً (بالعامية المصرية): بصوا يا خونا أكواريل (أي أبدع بالألوان المائية) .
أيهما أقرب لروحك وعقلك الموسيقى…أم الرسم…؟
ـ كلاهما ….إذ إنني لا أستطيع أن أتنفس وأعشق الحياة بلا موسيقى …أو ألوان ,الموسيقى ليست مهنة للتكسب أولاً ,تعلمت الموسيقى أيام الوحدة ,فقد تشكلت فرق موسيقية في المدارس الرسمية ,إضافة إلى شعبة الموسيقى بدار المعلمين، وكنا بعمر الاندفاع والعشق لتعلم كل شيء ,ولأن تعلم الموسيقى مجاني ,والأهم من هذا هو تشجيع المدرسين لنا للمتابعة ,فكانت تطربني أغنيات أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز من المذياع وأنا أمشي بالشارع، فيسعدني ذلك وأشعر بكم هائل من الفرح .آه ذكرتني يجب أن تعرف الصوت الجميل كم يسعدني ويفجر الفرح بداخلي,والقبيح ينفرني.
أين وجدت نفسك بالموسيقى …أم بالرسم…؟
ـ ينبع هذا من الحالة النفسية …وكي أترجم هذه المشاعر …فتارة تترجم لعزف منفرد (ارتجالات ) وربما لحن لقصيدة كانت في أدراجي ,وتارة بأن أضع أمامي لوحة لأفرش عليها ألوان روحي وما أعانيه ,ومثلما قلت سابقاً أتنفس بكليهما .
واقع المشهد التشكيلي في حماة بشكل خاص وبسورية بشكل عام ..؟
ـ هو سؤال إشكالي ،فالفن بشكل عام في زمن الأزمات يخبو توهجه لأن التعبير عن الجرح النازف بحاجة لوقت طويل كي ترمم النفس ما أصابها ,والفن التشكيلي بحاجة لبعض من الوقت ليعبر عن هذا المصاب الجلل ,ورغم هذا هناك بشائر بجيل يحمل ألقاً لغد قادم .
كيف ترى المشهد الموسيقي …الآن….؟
ـ في الماضي ,كان يتمثل بفرق موسيقية يقودها خبير يقوم بإعداد البرنامج الموسيقي بخبرة ودراية ,الآن أصبح الفن الموسيقي إحياء حفلات وسهرات ذات سمة الموجة الحديثة ,الفقيرة بالجمل اللحنية الراقية ,والتي لا تحمل لا تطريباً ولا تعبيراً .
عندما تسمع لحناً للموسيقار العبقري محمد القصبجي ,بماذا تشعر…؟
ـ لايمكن الحديث عن القصبجي دون الحديث عن كوكب الشرق أم كلثوم ,فهي جمعت هذه الكواكب من الشيخ الموسيقار زكريا أحمد إلى الموسيقار رياض السنباطي وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ….إلى الموسيقار محمد القصبجي الذي تأثر بسيد درويش وكان يسكنه التجديد بالموسيقى ,فأحدث نقلة في إبداعه الموسيقي ,نعم القصبجي مجدد للموسيقى العربية ,وتأثير التلوين بالألحان واضح ،بقصد اشتراك عدد من المقامات بشكل سريع وجميل وسائغ ,وأشهر لحن له (رق الحبيب) أعطاه لأم كلثوم بثوب قماشي خلاب ,فطرزته بالذهب بأدائها العبقري ,وخصوصاً الارتجالات التي تفردت بها ,وأعتقد أنه اعتذر بعد هذا اللحن ولم يلحن بعده .
من من الفنانين في حماة يحمل صفة ملحن …؟
ـ حسان اسكاف (رحمه الله) ملحن باقتدار ,حسين سبسبي عازف تكنيك بشكل رائع،وللأسف لا يحمل صفة ملحن ,وأنا هاوي تلحين رغم أنني أخذت المركز الأول على مستوى القطر بنشيد (نحن الشبيبة)
ما هوية الأغنية السورية …؟
ـ هي القدود الحلبية الجميلة بشكل مذهل ,هذه القدود تقدم وتمثل الهوية الغنائية السورية خير تمثيل ,ويجب ألا ننسى الأغنية الشامية مثل سفيرنا للغناء رفيق شكري ونجيب السراج .
أسماء في الفن التشكيلي من حماة تجاوزت حدود الوطن …؟
ـ الفنان المخضرم نشأت الزعبي أستاذ الفن بسوريا ,والمجال لا يتسع .
لك عدة ألحان رغم اعتراضك بأنك لست ملحناً …؟
ـ (يضحك) نعم …لحنت تسعة أناشيد بموريتانيا ,أثناء تدريسي هناك ,وقد أشرت بأن يدرس بالمناهج بيتهوفن وسيد درويش ,فتم إقرار هذا .
كيف النهوض بالذائقة الفنية والموسيقية …؟
ـ بالعودة إلى تراب هذا الوطن بالعودة للأصول المغيبة ,فشعبنا العربي عاطفي وذو حساسية مرهفة ,فعندما نكرس الموسيقى الشرقية الساحرة نرتقي بهم ,مثلما نقدم له اللوحة التي تحاكي الإنسان وبسوية فنية عالية ,فنحن ننهض بالذائقة الملوثة بما نسمع من ضجيج باسم الموسيقى ! .

حاوره : محمد أحمد خوجة

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار