بين مدير التربية في إدلب المهندس عبد الحميد المعمار أنه بقدر ما أثارت المناهج المطورة الضجة حولها بين مؤيد ومعارض لها في المجتمع السوري بشكل عام، والمجتمع التربوي والتعليمي بشكل خاص، وما زالت تثير أطياف المجتمع على اختلاف توجهاته.
ويجب علينا احتضان تلك المناهج والسير معها جنباً إلى جنب مع كل الشرائح وخاصة المعنيين بالعمل التربوي والتعليمي مع الإشارة إلى الايجابيات لتعزيزها والوقوف على السلبيات للتخلص منها خدمة لجميع العاملين في الوسط التربوي من معلمين وطلاب وأولياء أمور من هذا المنطلق عقدت ندوة حوارية حول المناهج المطورة تحت عنوان (تقويم وتقييم المناهج المطورة) بالتعاون مع مديرية التربية في إدلب ونقابة المعلمين على مدار ثلاثة أيام في ثانوية (غرناطة للإناث) ومدرسة (أحمد مسلم سلامة) للتعليم الأساسي بحماة وشملت الندوة البحث في عناصر المنهاج ومكوناته وأهدافه وطرائق التدريس ووسائله والوسائل التعليمية والخبرات والأنشطة ثم الكتاب المدرسي حيث الشكل والطباعة واللغة كما نوقش المضمون والمحتوى وعلاقته بالمعلم والمتعلم وأخيراً الخدمات المساعدة للكتاب (بشرية وتربوية ومادية) ثم التقويم لتخلص الندوة إلى تحديد الايجابيات والسلبيات لكل عنصر من عناصر المنهاج خلال الحوار والنقاش بين القائمين على الندوة والممثلين بنقابة المعلمين ومديرية التربية بإدلب وبين المشاركين من معلمين وطلاب وأولياء الأمور وتم البحث في معظم العناصر التي تضمنتها المناهج المطورة وهي:
الأهداف التربوية والتعليمية: من ايجابياتها أنها تناولت الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية، كما ركزت على الجانب التطبيقي والنظري وعبرت عن حاجات المتعلم كما راعت أغلب جوانب النمو عند المتعلمين إلا أنها غير واقعية بسبب صعوبة تطبيقها في البيئات المختلفة.
وطرائق التدريس ووسائله من خلال التشجيع على المنهاج المطور والنشاط والمبادرات ويساعد المتعلمين على الابتكار والتجديد ويعتمد على الملاحظة والاستنتاج وينمي مهارات التفكير العليا كما ينمي التفكير الإبداعي لدى الطلاب والتلاميذ .
إلا أن هذه الطرائق وبسبب الوضع الحالي لا تتناسب معه في المدارس فيضطر المعلم والمدرس إلى الطرق القديمة لعدم توافر الوسائل التعليمية الداعمة للطرق الحديثة إضافة إلى النقص في الكادر التدريسي في بعض المدارس وقلة وجود المدرسين الاختصاصيين وخاصة لمرحلة التعليم الأساسي ، كما أن عدد الحصص غير مناسب مع المقرر والعدد الكبير في الصفوف إضافة إلى مشكلة الدوام النصفي في معظم المدارس .
ومنه الوسائل التعليمية والتي من الايجابيات في هذا الجانب اعتمادها على الأنشطة والمبادرات والخبرات المباشرة إلا أن الوسائل المتوافرة حالياً لا تلائم واقع الطلاب والتلاميذ الاجتماعي والمادي كما أن الأنشطة غير محددة من حيث مكانها وممارستها .
وكذلك التقويم ومن إيجابياته أنه انتقل بالمناهج المطورة من ثقافة الامتحانات إلى ثقافة التقويم في الصفوف الانتقالية فأصبحت أساليبه متعددة ( كمبادرات وأوراق العمل والمهارات ) كما اعتمد على تنمية القيم والاتجاهات الايجابية نحو المواد العلمية غير أنه لم يضع محددات تقييم الأنشطة والمشاريع والمبادرات وألغى الوظائف المنزلية في بعض المراحل فتنفيذ التقويم بالطرق الحديثة يحتاج لكلفة مادية ولجهود مضاعفة من قبل المعلم وولي الأمر .
والكتاب المدرسي من حيث الشكل والطباعة والمضمون والمحتوى : أجمع الحضور على أن هناك قفزة نوعية بين المنهاج القديم والحديث فالمواد العلمية تعتمد على الاستنتاج وتربط المتعلم بالمتغيرات المتعددة وتنقله من التعلم الذاتي إلى التعلم الجماعي وتحببه بالتعليم التعاوني والانتقال من الكتاب المدرسي كمصدر وحيد للمعلومات إلى مصادر متعددة للتعلم إضافة إلى التنوع في طرائق التدريس .
ولكن هناك كثافة في المحتوى وعدم تناسبه مع ساعات التدريس وعدم وجود دليل معلم لإعطاء الإجابة الصحيحة إضافة إلى عدم الترابط بين أبحاث المواد الدراسية مثل الرياضيات والفيزياء في الصف الأول الثانوي والثاني الثانوي العلمي والعمل على فصل المواد العلمية عن الأدبية في نفس الصفين وعدم مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين .
أما بالنسبة لعلاقته بالمتعلم فيمثل المنهاج حلقة وصل بين المعلم والمتعلم ومحور التفاعل بينهما .
وأضاف المعمار أنه تم التركيز على وجود دليل معلم في المنهاج المطور وعدم رغبة المدرسين بتدريس هذا المنهاج وعدم وجود مصادر معلومات إضافية .
وأخيراً فيما يتعلق بالخدمات المساعدة للكتاب المدرسي (بشرية وتربوية ومادية ). هناك ضعف في الأداء لدى بعض أمناء سر الحاسوب وأمناء المخابر في المدارس بشكل عام، إضافة لقلة المراجع والمصادر المعززة لعملية التعلم وعدم توافر قاعات للنشاط والمطالعة.
وأشار المعمار أنه تم في نهاية الندوة تسجيل المقترحات والتوصيات للاطلاع عليها والعمل على أخذها بعين الاعتبار في المستقبل القريب والاهتمام بالجانب الأخلاقي عند وضع أهداف المنهاج وتعزيز الانتماء الوطني وتكريس مفهوم المواطنة وإيجاد غرفة مخصصة لكل مادة وزيادة ساعات تدريس اللغة العربية في الصف الأول الثانوي لأنها لا تفي بالغرض واستبدال قراءة الاستماع بالمطالعة في مكتبة المدرسة،وتفعيل علامة السلوك وتحويلها إلى مادة تنمي الأخلاق والقيم الحميدة، وزيادة تدريس ساعات المعلوماتية وجعلها مادة أساسية في كل الشهادات وتحديد قاعدة لكل درس بعد الانتهاء من عرضه (وضع خلاصة) وتوزيع الكتاب المدرسي مع بداية العام الدراسي، وإنشاء مكتبة الكترونية في كل مدرسة وبإشراف أمين المكتبة وأمين سر الحاسوب، وتأمين دليل معلم لجميع الاختصاصات في كل مدرسة، وعدم تكليف ذوي الاختصاص في العمل الإداري واستثمار خريجي كلية التربية (قسم المناهج) وتعيينهم كإداريين في المدارس .
بقي أن نشير إلى أن هذه الندوة جرت بكل صراحة ومحبة فألقت الضوء على تلك المناهج من معظم جوانبها لأن الهدف منها هو الارتقاء بأبناء هذا الوطن وتعزيز التعاون بين البيت والمدرسة وبين المعلم والطالب لذلك مطلبنا جميعاً أن يكون المعلم أولاً وأولاً ثم أولاً في كل شيء لأن رسالته الإنسانية والتربوية هي البناء وما يبنيه سيكون المجتمع والأمة فبناء العقول رسالة الأنبياء .
حماة ـ أحمد عوض حمود