أفلام الرعب ما سبب انتشار هذه الظاهرة؟

 

أفلام الرعب ظاهرة ليست جديدة على السينما العالمية ، ويحق لنا أن نتساءل ما هي جذور هذه الظاهرة .
في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينيات من القرن الماضي عندما حدثت الأزمة الاقتصادية في العالم ، انتشر الخوف بين سكان أوربا وأميركا، واندفعت الجماهير وراء أفلام الرعب التي اعتبروها فصلاً من الخوف الخيالي يقاومون به خوفهم الحقيقي ، ولهذا السبب بدأ العصر الذهبي للأفلام المرعبة الناطقة التي لاحصر لها في تاريخ السينما العالمية ، ولم يعد أمام هذه الأفلام إلا أن تحصر اهتمامها في إعطاء جرعات مركزة من الخوف والرعب .
ويعد المخرج الفرنسي جورج ميليه» الرائد الحقيقي لأفلام الرعب فقد جسد كل إمكانياته في القصص الخيالية على الشاشة ، وجاء فيلمه الصامت رحلة إلى القمر» عام 1902 أول فيلم سينمائي عن السفر بين الكواكب ، وفي نفس الوقت كان أول فيلم يحتوي مشاهد مثيرة ومرعبة ، وفي عام 1908 أنتجت شركة سينمائية في شيكاغو فيلماً مأخوذاً عن قصة دكتور جيكل ومستر هايد» للمؤلف الأميركي روبرت لويس ستيفنسون وكان هذا الفيلم هو أول فيلم يعتمد في فكرته على مرض ازدواج الشخصية» ويروي قصة طبيب تتنازعه شخصيتان : شخصية طبيب هادئ ، وشخصية مجرم قاتل، وكانت هاتان الشخصيتان تتناوبان في الظهور في لحظات منفصلة من دون أن يشعر صاحبهما بما كان يرتكبه من جرائم حين تتقمصه الشخصية الأخرى، وقد استغلت شخصية دكتور جيكل بعد ذلك في كثير من الأفلام الناطقة .
ثم ظهر الممثل لون شاني» الذي توجته السينما الأميركية سيداً لأفلام الرعب ، ولقب بسيد الماكياج لمقدرته على التنكر وتقمص الشخصيات المختلفة ، وخاصة المرعبة ، كما أطلقت عليه الجماهير الرجل ذو الألف وجه وقد ظهر شاني في عشرات الأدوار المخيفة في أفلام شهيرة مثل أحدب نوتردم، شبح الأوبرا ، لندن في الظلام … وغيرها وفي نفس الوقت بدأت السينما الألمانية خلال عصرها الذهبي الاهتمام بأفلام الرعب، فظهرت سلسلة من الأفلام تعتمد على عناصر الإثارة والرعب والغموض ، وأول فيلم من هذه السلسلة كان طالب من براغ» عن قصة طالب تتقمصه روح شيطان ، وأشهر أفلام الرعب الألمانية على وجه الإطلاق هو الفيلم التعبيري عيادة الدكتور كاليغاري ونجاح هذا الفيلم فتح باباً جديداً تدفقت منه أفلام الرعب التي سيطرت على الشاشة الألمانية مثل جوليو، الأقدار، الدكتور مابوز.
وفي عام 1931 عندما انتشرت الأزمة الاقتصادية وأقبل الناس على مشاهدة أفلام الرعب، أنتجت شركة يونيفرسال» فيلم دراكولا» الذي كتبه المؤلف برام ستوكر» واستطاع الكونت دراكولا مصاص الدماء أن ينشر الرعب في قلب كل متفرج .
واستطاعت شخصية دراكولا أن تكون بداية لظهور عشرات الأفلام التي زرعت الرعب ونشرت الخوف والفزع في قلوب ملايين المتفرجين في جميع أنحاء العالم ..
وبعد نجاح شخصية دراكولا ظهرت شخصية فرانكشتين المأخوذة عن قصة ابتكرتها الكاتبة ماري شيلي» وتصور إنساناً أعادت عبقرية الطب تكوين جسده من اشلاء الموتى وفي أول أفلام فرانكشتين 1932 الذي قام بدوره بوريس كارلوف «نرى طبيباً مجنوناً يجمع رفات الموتى من القبور والمستشفيات ويعيد تركيبها ليخلق إنساناً جديداً يتحول عندما تدب في جسده الحياة إلى وحش كاسر ينشر الرعب في كل مكان .
وقد حققت شخصية دراكولا وفرانكشتين نجاحاً عالمياً منقطع النظير ، أدى إلى ظهور شخصيات مرعبة أخرى مثل المومياء الفرعونية التي تدب فيها الحياة، فتصعد من قبرها لتنتقم من أعدائها .
وظهر أيضاً الرجل الذئب والرجل الخفي ، وفومانشو، أيضاً ظهرت الأفلام العلمية الخيالية التي تعتمد في نشر الرعب على منطلقات علمية كفيلم الرجل ذو الأبعاد الأربعة وظهرت روايات الرعب الشهيرة التي كتبها ادغار آلا نبو» الرائد الأول لصرح القصص البوليسية والمرعبة ، حيث نجد في رواياته الأشباح ، والمستنقعات المظلمة، وأشكال الشر التي تسيطر على أحداث الفيلم ، فنرى الرجل الذي يدفن حياً ، والجرذان التي تلتهم البشر ، والأموات يظهرون في الليل ويختفون في النهار ، ومازلت أذكر أحد الأفلام المأخوذة عن قصة إدجار آلا نبو ، عرض في مدينة حماة عام 1970 وهو عندما جاء الفجر ملطخاً بالدم ، من بطولة النجم الأميركي أنتوني فرانشيوز» والنجمة الفرنسية ميشيل مبرسية» بطلة سلسلة أفلام أنجليك»
لقد استطاعت الأفلام المرعبة أن تحقق الهدوء والطمأنينة للإنسان البدائي الكامن داخل كل إنسان منا ، وخاصة في وقت الأزمات ، حيث تعمل كصمام أمان . لأن مخرجيها يستغلون حب الناس للخوف .. ليحققوا من خلالها الملايين من الدولارات .
سليم الشامي

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار