تعد المبيدات الزراعية والتي شاع استخدامها بشكل واسع من أكثر المؤثرات في صحة وسلامة الإنسان والبيئة المحيطة.. حيث يستهلك الناس سنوياً عشرات الأطنان من المبيدات و الأدوية بأنواعها المختلفة لأغراض الزراعة، وهذه المبيدات هي في حقيقة الأمر مواد كيميائية تؤثر بشكل مباشر في العمليات الحيوية للعديد من الكائنات وتتخذ شكلاً سمّياً للتأثير على الآفات الزراعية وبذات الوقت يكون لها نفس الأثر السمّي في الكائنات الحية الأخرى.
ولكن كيف هو الحال إذا كانت هذه المبيدات والأدوية مهربة ومجهولة المصدر وهي تغزو أسواقنا وصيدلياتنا الزراعية من دون رقيب أو حسيب ولاسيما أسعارها الكاوية للفلاح في غياب جدواها وفعاليتها السمّية على المحاصيل والأشجار المثمرة.. عدا عن مخاطر استخدامها بشكل غير عقلاني.
أخطارها كبيرة
إن قوى الشر الكامنة في الحشرات والآفات والنباتات غير المرغوب فيها هي الدافع إلى استعمال هذه المبيدات لأنها تقاسمنا محاصيلنا الزراعية وتهددنا في أقواتنا ولكن الاستعانة بالمبيدات كالمستعين على الرمضاء بالنار، لأن هذه المبيدات عبارة عن وحش نقوم بتربيته بين ظهرانينا ليفتك بنا في النهاية.
الضحية هو الفلاح…؟
شكا لنا عشرات بل مئات الفلاحين والمزارعين الذين يعتمدون في معيشتهم على الزراعة، وإنتاجية الأشجار المثمرة لاسيما التفاحيات وتحديداً الجمعيات الفلاحية في قرى وبلدات ـ برشين ـ بشنين ـ تموزي ـ الحكر ـ تين السبيل ـ وادي العيون ـ المرحة ـ حزور ـ التابعة لمنطقة مصياف.. من عدم جدوى وفعالية الأدوية الزراعية التي يستجرونها من الصيدليات الزراعية التابعة للقطاع الخاص في مصياف وهذه الأدوية مهربة ومجهولة المصدر وغير مراقبة وأسعارها كاوية، لكن الفلاح مضطر لأن يستخدمها حفاظاً على محصوله في غياب الأدوية المرخصة والصيدليات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة أو لاتحاد الفلاحين.
عشرات الفلاحين أكدوا لنا وأجمعوا على القول إن الأدوية الزراعية التي يستخدمونها على أشجار التفاحيات تعطي نتائج عكسية على القوارض والآفات والحشرات والأمراض الفطرية التي تصيب الأشجار المثمرة في مرحلة الإزهار وتكوّن الثمار.
وأكثر أنواع المبيدات المهربة التي تغزو أسواق وصيدليات مصياف هي: ساكاي ـ كوروس ـ سكور ـ منكوزيب ـ أمينا ـ وجميعها حسب المدوّن على العبوات هي مبيدات فطرية علاجية وقائية لمجموعة من الأمراض الفطرية التي تصيب المحاصيل الحقلية والأشجار المثمرة مثل جرب التفاح ـ وتبقع الأوراق ـ وتساقط الثمار ـ والصدأ واللفحة النارية، وهذه المبيدات الفطرية غير فعالة وتعطي نتائج عكسية من حيث السمّية والعلاج وجميعها مهربة وغير مراقبة ومصدرها تركيا.
وها نتساءل مع تساؤل الفلاحين عن كفاءة الضوابط التي تحكم تجارة المبيدات وعمل الصيدليات الزراعية.. وكيف يتحايل أصحاب الصيدليات الزراعية المتعاملين مع هذه المبيدات لتسويقها وبيعها للفلاحين الذين تجبرهم الحاجة والضرورة على شرائها واستخدامها.
وهناك مبيدات حشرية محظور تداولها مطروحة في الأسواق وبعض الفلاحين من الجمعيات الفلاحية المذكورة أكد بأن بعض الصيدليات الزراعية تشترط البيع للفلاحين تقسيطاً بل إن بعضهم يتمادى فيحدد نوع المبيد الفطري، والأغرب من ذلك كله أن بعض الصفقات يشترط لإتمامها أن تدخل المبيدات المهربة مع البضاعة الأساسية للصفقة.
يهدد سلامة البيئة والصحة والإنسان؟
إذاً وأمام هذا الصراع القديم الحديث المتجدد بين الإنسان والحشرات على الغذاء وما رافقه من اتساع استخدام المبيدات بصورة هائلة ومكثفة وما نتج عنه من أضرار جسيمة على الصحة والبيئة بالإضافة إلى اختفاء الأعداء الحيوية والطبيعية وظهور سلالات حشرية جديدة مختلفة تحمل مقاومات للمبيدات المستخدمة، لابد من التفكير الجدي بمراقبة المبيدات و الأدوية الزراعية وإيجاد الحلول البديلة الناجعة لتخفيف الآثار الضارة للمبيدات.
من يراقبها ويعمل على تخفيف آثارها؟
رئيس مصلحة زراعة مصياف تمام معلا أكد أنه يتم مراقبة الصيدليات الزراعية وتعاملها مع المبيدات والأدوية الزراعية, وهناك شكوى دائمة من الفلاحين والمزارعين تتعلق بنوعية الدواء وجودته وعدم فعاليته في بعض الأحيان.. حيث تكثر الشكوى ونسمع مع الفلاحين أن الأدوية المهربة لها مردود عكسي على النبات والأشجار، لذلك نقوم بجولات دائمة على الصيدليات التي تتعامل عادة مع مثل هذه الأدوية.. لكن لانستطيع ضبطها لأنها تكون مخزنة في أقبية ومستودعات خارج الصيدلية الزراعية المرخصة، وفي هذه الحالة تخرج الأمور عن صلاحياتنا.
ضرورة تضافر كل الجهود ..؟
رئيس شعبة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمصياف نادر اسماعيل قال: موضوع الأدوية الزراعية والمبيدات المهربة موضوع شائك ونسمع أحاديث وشكاوى كثيرة من الفلاحين حول عدم جدواها في القضاء على الأمراض الفطرية مقابل كثرة مخاطرها وتأثيرها السمّي على البيئة والإنسان.
وهنا لابد من تضافر كل الجهود لمراقبة الأدوية والمبيدات الحشرية .
وهذا الموضوع بالدرجة الأولى من اختصاص الزراعة ووقاية المزروعات ودورنا في هذا المجال مساعد ومكمل وليس أساسياً في عملية ضبطها ومصادرتها.
كلمة أخيرة:
السؤال الذي يُطرح هنا : كيف يمكن تحقيق المعادلة التي تؤمن السلامة البيئية والزيادة الإنتاجية للمحاصيل؟!
توفيق زعزوع