يحتل التلفاز آلة العصر الأولى بلا منازع المرتبة الأهم بالتأثير على مفردات مجتمعنا كافة , فقد دخل كل الأماكن دون استئذان, وأصبح مفردة لا يمكن الاستغناء عنها ؟ ومن خلال برامجه يتم توصيف الحياة بكاملها, كيف لا وهو موجود على مدار الساعة, بعد أن اختصر كل الوسائل الإعلامية بشاشته الصغيرة.
أخطر المتأثرين
الطفل هو أكثر المتأثرين بالتلفاز وبرامجه , حيث إن التلفاز يلعب دوراً واضحاً في تركيب شخصية الطفل , وهو ما يسمى بالتنشئة الاجتماعية, ويعد مؤسسة بحد ذاتها, لا تقل أهمية عن مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى, المدرسية والأسرية, فإن لم نحرص على التعامل معه بحذر وحيطة, سيكون التأثير سلبياً وسيؤدي إلى تدهور الفرد وبالتالي تدهور المجتمع.
تجارب واقعية
شذى , مدرسة وأم لطفلين, قالت : بعد استشارات عديدة تبين أن موعد بث البرامج الخاصة بالأطفال هام جداً, فلا يجب أن يترك الطفل أمام التلفاز طيلة النهار, بحجة أن أمه تقوم بأعمال المنزل, وهو لا يمكن ضبطه إلا بهذه الطريقة, فبعض البرامج توعيتها سيئة, وتعتمد عموماً على إثارة خيال الطفل وإطلاقه بعيداً عن الواقع, وهذا ما يرسم في هذه الشخصية الغضة وبالتالي تكون النتائج سلبية.
عزام , طبيب , لديه طفل قال: التلفاز آلة خطيرة, لأنه كلما ازدادت عدد الحواس التي يمكن استعمالها في تلقي أية فكرة, أدى ذلك إلى دعمها وتثبيتها في ذهن المتلقي, فالتلفاز فاق الإذاعة والسينما, لأنه جمع بين الكلمة المسموعة, والصورة المشاهدة, واستحوذ على أوقات المتابعين بإيقاعهم متسمرين أمام الشاشة, حتى أن أفلام السينما تصل إليك دون عناء الذهاب إلى دور السينما وقطع التذاكر, لذلك علينا بالانتقائية بالنسبة للبرامج خاصة بما يخص الطفل, وفي فترة قريبة لاحظت أن ابني يقوم ببعض الممارسات العنيفة في المنزل, وكان السبب متابعة أحد البرامج الذي يعتمد من ألفه إلى يائه على المكائد والأصوات العالية.
أعمق من ذلك
منتهى ديب , طالبة بكلية التربية , أفادتنا : التلفاز يقدم للطفل أنماطاً من السلوك الاجتماعي من الحياة العادية ومن البيئة, كما أنه يقدم ما هو من خارج هذا المحيط, ويدفعه بعيداً للخوض في قصص خيالية, (حياة الحيوانات في الغابة مثلاً) لذلك له دور أساسي في تشكيل ألوان السلوك المختلفة عند الأطفال, هنا تكمن الخطورة ولعلمك بأنه لا قيمة لبرنامج بدون جمهور, ولك أن تتصور كثافة جمهور الأطفال وشوقهم لمتابعة ما يتحرك أمامهم داخل هذا الصندوق.
انتقائية البرامج
جمال و سهر, تحدثا عن خطأ ابنهما, فقالا : أكثر من مرة فقدنا سكاكين من المطبخ, ودارت بنا الحيرة, وصلنا خبر من المدرسة, بأن طفلنا يحمل سكين المطبخ في حقيبته, وعند ذهابنا لنتأكد كانت المرشدة الاجتماعية في جلسة مغلقة مع الطفل, وبعد الانتهاء نبهت وبشدة على ضرورة وأهمية انتقاء ما يشاهده من برامج على التلفاز, والابتعاد عن تلك التي تعتمد على إثارة انتباهه دون التركيز على فكرة معينة, الإثارة لمجرد الإثارة, وكان لها الفضل بأن تدلنا على اعتماد خطة صادقة في الإرشاد والتوجيه الاجتماعي من خلال انتقائية البرامج, لأن التلفاز ذا أثر تربوي ذو حدين في بناء وتكوين شخصية الجيل.
المحرر
يبدو الأمر بسيطاً, لكنه عكس ذلك تماماً, ولا يخلو من العقد التي يتوجب حلها وإيجاد البديل الصحيح لها, وللعلم فإن التأثير السلبي لا يطال الأطفال فحسب, فالبقاء الطويل أمام هذه الآلة له تأثيرات سلبية إن كانت صحية أو نفسية.
شريف اليازجي