تحقيق : الدعــم النفسي الاجتمــاعي للمـــرأة .. خطوة ملحة تبدأ بالعلاج والتأهيل النفسي الاجتماعي وتنتهي بالوقاية من آثار الأزمة.
تحدثنا في عدد سابق عن مفهوم الدعم النفسي وعن أهيمته للطفل في ظل الظروف الراهنة ،ونكمل اليوم مشوارنا مع الدكتور أحمد الكنج . للحديث عن الدعم النفسي والاجتماعي عند المرأة هذا المكون الأساسي لبنيان مجتمعنا
فأين تكمن ضرورة الدعم النفسي الاجتماعي عند المرأة في ظل الظروف الراهنة؟
في الوقت الحالي أصبح مصطلح الدعم النفسي الاجتماعي منتشراً كثيراً في جميع جوانب الحياة، وبما أن المرأة تمثل نصف المجتمع، لذلك فإن لها دوراً فعالاً في جميع جوانب الحياة ، فعندما يؤمن المجتمع الذي تنتمي إليه المرأة بأهميتها كإنسان له حقوق ووجبات ، وأن ما يعيق تقدمها وتطورها سوف يعيق مجتمعا بأكمله ،عندها فقط سوف يستوعب مدى جهله بأهمية تعليم المرأة ودورها في حركة التنمية الاجتماعية للمجتمع ككل ،وجهله بكونها جزءاً لا يتجزأ من كيان المجتمع ، وأهمية مشاركتها في كافة الميادين ، و جهله بأن دعمها وتعزيزها هو ركيزة أساسية لأي حركة تطور وإصلاح يطمح لها أي وطن. هذا الإيمان العميق يقوي مفهوم التمكين النفسي الاجتماعي للمرأة في المجتمع.
فالبيئة التي تعيش فيها المرأة هي تربة إما أن تكون صالحة أو فاسدة , وإحدى مقومات صلاحها هو مدى تواجد وفاعلية الدعم النفسي الاجتماعي المقدم لها ،ما يمكنها من تأدية مهامها على أكمل وجه. لذلك لابد من تأهيل ودعم المرأة نفسياً واجتماعياً مما يساعدها على مواجهة ضغوط الحياة وتجاوزها دون أن تتأثر إنتاجيتها في المجتمع، وفي حالة كانت المرأة ضحية من ضحايا الأزمة التي تعرض لها وطننا الغالي على امتداد الجغرافيا السورية ،فإن الدعم النفسي الاجتماعي يصبح خطوة ملحة تبدأ بالعلاج والتأهيل النفسي الاجتماعي وتنتهي بالوقاية من آثار الأزمة.
وتأتي أهمية هذا الدعم النفسي أيضا من كونه يعزز ثقة المرأة بنفسها ويدفعها للأمام رغم الظروف القاسية التي تعيشها.
ماهي الإرهاصات النفسية التي تعرضت لها المرأة؟
في ظل الظروف الراهنة تعرضت المرأة لضغوطات كثيرة وكبيرة نتيجة الأزمة ، حيث تعتبر المرأة من الفئات الأكثر تضرراً فقد تعرضت للتهجير والحرمان المادي ،والحرمان العاطفي ،والضغوط النفسية ،والتحرش الجنسي ، والزواج المبكر للفتاة، إضافة للأعباء الأساسية الملقاة على عاتقها بالإضافة الى المعاناة التي تعرضت إليها المرأة جراء افتقاد أبنائها أو استشهادهم في ساحات الحرب أو افتقاد زوجها أو غيابه لفترات طويلة نتيجة الظروف الراهنة.
ما هي أهمية الدعم النفسي الاجتماعي للمرأة كإنسان وأم؟
تكمن ضرورة الدعم النفسي الاجتماعي للمرأة على تقديم خدمات الدعم والإرشاد النفسي والاجتماعي بهدف تمكين المرأة لأنها ابنة أخت زوجة وقبل كل شيء هي أم فهي أكثر حاجة لبرنامج الدعم النفسي الاجتماعي، وتهدف الخدمات المقدمة إلى تعزيز قدرة النساء على التعافي، والتكيف وتطوير آليات تساعدهن على التأقلم لتتمكن من تجاوز المحن التي واجهتها، فضلاً عن توفير الحماية لهن ولأطفالهن من الآثار النفسية والاجتماعية المدمرة ، والتي تهدد صحتهم النفسية. وبالإضافة إلى تحسين القدرات طويلة الأمد للنساء وذلك من خلال توفير خدمات التأهيل المهني والتي تشمل التشخيص المهني والإرشاد المهني والتدريب المهني الأمر الذي سيسهم في نهاية المطاف في تحسين سبل معيشتهن والحد من مستوى استضعافهن على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
هل هناك ضرورة لإنشاء جمعيات مختصة بالدعم النفسي الاجتماعي وهل هي موجودة في حماة؟
في الحقيقة لقد ازداد عدد الجمعيات الأهلية قبل الأزمة بشكل ملحوظ وخلال الأزمة قامت الكثير من الجمعيات الأهلية بإدراج خدمات الدعم النفسي الاجتماعي ضمن أهدافها، وشهدت مدينة حماة وريفها افتتاح عدد من مراكز الدعم الخاصة بدعم المرأة ، وتفعيل دورها في المجتمع ،من خلال النهوض بوعيها الفكري وحالتها الاجتماعية والنفسية، وتعد هذه المراكز مشروعاً تشاركياً بين الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية، وتتمثل أهمية هذه المراكز كونها تشكل دعماً نفسياً للمرأة إضافة إلى تكوين مساحة تستطيع من خلالها التعبير عن أفكارها ،وطرح آرائها ومشكلاتها، وذلك بهدف رفع المستوى الاجتماعي لها ، لتكون عضواً فاعلاً في المجتمع من خلال جلسات توعية نفسية تحسن من طريقة تفكيرها .
ومن هذه الجمعيات جمعية الرعاية الاجتماعية ،ودائرة العلاقات المسكونية والتنمية عبر مراكز الرعاية الاجتماعية في مدينة حماة وريفها، وتقدم هذه الجمعيات خدمات الدعم النفسي الاجتماعي من خلال الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين والأطباء والمعالجين النفسيين والذين يمتلكون الخبرات اللازمة لتقديم الدعم والمساندة للنساء على الصعيد النفسي والاجتماعي والقانوني، بما يسهم في رفع وعي المرأة حول المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تواجهها في حياتها على الصعيد الشخصي والأسري والاجتماعي.
وهناك العديد من الآليات التي يتم استخدامها لتقديم خدمات الدعم النفسي الاجتماعي، وتختلف هذه الآليات حسب طبيعة الظروف التي تواجهها المرأة، واحتياجاتها ، فقد نجد هذه الآليات تقدم على هيئة جلسات علاجية نفسية معرفية, سلوكية, تحليلية, إرشادية أو تأهيلية وكذلك هناك الدورات و الحملات التوعوية.
وجميع هذه الآليات توضع لأهداف محددة تناسب المشكلات أو الصعوبات التي قد تتعرض لها المرأة وتقدم على يد متخصصين في علم النفس والطب النفسي.
من يجب أن يقوم بتقديم خدمات الدعم النفسي برأيك كخبير نفسي؟
يجب أن تعلم المرأة أن المرور بخبرات حياتية سيئة نتيجة الظروف التي عاشتها المرأة تؤثر على صحتها النفسية سلبياً ،ما يؤدي إلى خلل في حياتها لذلك فهي تحتاج لمن هو مؤهل و مدرب في فن التعامل مع المشكلات النفسية والسلوكية والمعرفية. لذلك فالأشخاص المؤهلون للتعامل مع مشكلات المرأة ،هم الطبيب النفسي، والاختصاصي النفسي ،والمعالج النفسي والأسري، و المرشد النفسي وكل هؤلاء المختصين، يقدمون خدمات نفسية تهدف لتمكين المرأة نفسياً بأدوات مختلفة تعتمد على اختلاف محتوى الخبرات التي تعرضت لها.
ويبقى أن نؤكد أخيراً من منبر الفداء على أهمية الدعم النفسي للمرأة وأن نشجع على مراجعة الجمعيات المختصة لأن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية وأن الدولة لتعي أهمية هذه القضية لذلك تعمد إلى تشجيع الجمعيات والمؤسسات المختصة بتلك المسألة وتأمين الدعم لها.
شذى الوليد الصباغ