لن يطالبني أحدٌ بدور البطولةِ, ولن يلومني إن هربْتُ إلى الظّلالِ لألتقطَ أنفاسي, بل سيقالُ: العقلُ زينة! أشكرُ لطفَ الرّبّ وأمي وأبي وساعةَ الحظِّ لأنّي ولدتُ أنثى ولن أنسى.. أشكرُ الشبابيكَ المشاكسةَ والأرصفةَ التي تتغندرُ خلفي على إيقاعِ عطري وباعةَ الخضارِ الّذين ينسون بضاعتَهم حين أمرُّ.. ويهتفون: يا تفاح..
والأطفالَ الّذينَ يتحرّشون بي ليتذوّقوا ضحكاتي، وأشكرُ السيداتِ المضيئاتِ اللّواتي يحطن بي, فالأخضرُ يحبُّ طبعَ الماء وأيضاً المكيوداتِ منهن يتلوّنّ في وجهي غيرةً ,فأعرفُ كم من الّسكاكين تتربصُ بكائن الصفاء!
آدم.. يا وجهي الآخر.. روحي بورٌ إن لم تمطرْها بالإعجابِ لا أنوي أن أباريكَ, لكنّكَ لن تنتزعَ مني إقراراً بالسّبقِ مهما حدث!
لكَ تضاريسُكَ وقوّتُك وضعفُك أيضاً ولي مثيلاتُها.. أكره كفتي الميزان اللّتين تحصيان على بعضهما الأنفاس, تناسبُني الضّفّةُ الواحدةُ وورشاتُ الزّهرِ الملوّنِ وهي تخططُ لجمالٍ يشبهُ كمالَ الفطرة و رغم إصراري على اللّوذِ (بالسّقفِ الأبويّ) المحبِّ الآمن, لكنّي أزعمُ أنّي حرّةٌ بما يتيحُ لي تذوقي الشرقيّ لهذه الفاكهة.. كلُّ مفاهيمِ النّضجِ الرّوحي والفكري فجّةٌ ما لم تتفتّحُ فينا شمسُنا الخاصّةُ سلاماً وتقبّلاً للأخر، فقلبُ الكونِ كبيرٌ ويتّسعُ للجميعِ..
ومن لم يجافِ في سلوكهِ مستنقعاتِ الازدواجيةِ فهو لم يتذوّقْ يوماً ,مهما ادّعى ذلك, ينابيعَ الانبعاث الفكري الحرّ والعميق، في مجتمعنا مفهومُ المرأةِ للحريّةِ والثقافةِ قاصرٌ حتّى الآن..
وإلّا فلمَ حين تبزغُ سيّدةٌ قليلاً يكونُ من أولويّتِها طمسُ بناتِ جنسِها عن بكرةِ مواهبِهن ورجمهن بلؤمٍ بما توفّرَ لها من مكرٍ وأكاذيب.. في حين أنّها تتمسّحُ بالرّجلِ , الّذي تدّعي أنّها ساوَتْهُ, تمهيداً لتسلّقهِ والوصولِ على أكتافِهِ؟!
رغم مرورِ عصورٍ واختلافِ مظاهرِ العلاقاتِ, لكنّ هذا العصرَ لم يتقنْ فعلَ التطورِ(الحرملك) و (يا سيدي) لم تبتعدْ كثيراً عن مفهومِ ( المنبر) و (يا صديقي).
سعاد محمد
المزيد...