وراء الوجوه …كم هائل من القبح

هل الوجوه هي المرآة العاكسة لما تحمله وتضمره النفوس…؟ وإذا كان الجواب يحمل النفي, فإننا أمام معضلة في قراءة الآخر, الآخر الذي يحاصرنا في اقتسام الهواء, ويسرق قوتنا اليومي, ويسعى لتقزيم حضورنا الإنساني, هؤلاء هم جزء من سبب البلاء والخراب,هذا ما حاول أن يقوله مسلسل (وراء الوجوه).
قصة…وسيناريو يذهب بعيداً
عن قصة د . فتح الله عمر قام نجيب نصير بالإعداد والمعالجة الدرامية للعمل (وراء الوجوه) يقدم بعضاً من واقع المجتمع المخملي (أصحاب النفوذ) د. مالك لعب دوره الفنان أيمن زيدان,هو وزير يستغل منصبه في الثراء غير القانوني, هو نموذج لموظف فاسد,علاقات نسائية متعددة , تجاوز للقانون هو وأفراد أسرته, زوجته لعبت دورها الفنانة سلمى المصري ,تقتحم عالم الأدب من خلال كونها زوجة وزير,وتقدم نفسها شاعرة المنابر الثقافية والأدبية والفكرية,وهي غافلة عما يحدث في بيتها من انحدار أخلاقي وسلوكي, (عامر) ابنه الكبير لعب دوره الفنان سامر إسماعيل ,نموذج سيء لشبان متخمين بالمال والنفوذ,يمتهن التغرير بالفتيات, وبعد أن يحصل على ما يريد ,يتركهن يواجهن مصيرهن الأسود,هو نوعية من الشبان الذين يعيشون في كنف سلطة والدهم الوزير الفاسد,(حازم) الابن الثاني صاحب شركة خاصة ممولة من والده الوزير الذي يمنحه مناقصات ذات أرباح خيالية, يقيم علاقة مع موظفته, لعبت دورها الفنانة مديحه كنيفاتي, وكان صادقاً بأنه يسعى للزواج منها ,ولكن والده من خلف الستار يمنع هذا الزواج .الابنة الوحيدة للعائلة ولعبت دورها الفنانة جيانا عنيد تظهر بصور عارية على صفحة صديق لها يحاول فيما بعد ابتزازها مادياً,عائلة تغرق في مستنقع من الرذيلة والفساد ,وفي الطرف الآخر هناك عائلة( د. صفوان) لعب دوره الفنان جمال قبش وهو الأداة الطيعة بيد الوزير مالك ينفذ صفقاته المشبوهة, زوجته لعبت دورها الفنانة نادين ,ابنتها الكبرى( نادية) أدت دورها الفنانة هبة نور التي ترمي بمن يحبها عند أول فرصة ثمينة,وذلك عندما علمت بأن(حازم) ابن الوزير من سيتقدم لخطبتها ويتزوجها, الابنة (حنان) الوسطى قامت بدورها الفنانة مرام علي التي تعجب بالمخرج والكاتب (هادي) ,لعب دوره الفنان بسام كوسا, وتحبه وتتزوجه رغم فارق السن الكبير بينهما, ورغم معارضة أهلها لهذا الزواج غير المناسب لوضعهم المخملي, و(هادي) المثقف والفنان يترك زوجته المريضة بالربو, لعبت دورها الفنانة لينا حوارنة ومعها ابنتها الوحيدة لعبت دورها الفنانة زينة بارافي, (هادي) نموذج للمثقف الانتهازي, رغم ادعائه خلاف ذلك ,بل ويسوق نفسه على أنه ضحية الساحة الفنية, التي تحجب عنه الفرصة ليقدم الفن الراقي,وكأنه المبدع المتألق الوحيد,الابنة الصغرى لـ(د. صفوان)التي أدت دورها الفنانة لمى بدور,تتزوج من طبيب أطفال وتخونه مع (عامر) وعندما يكتشف أمرها تدافع عن نفسها بأنها ضحية تربية أهلها السيئة,الابن الوحيد, (وسام ) لعب دوره الفنان علي سكر .وهو الذي يثأر لأخته (حنان ) من (هادي) ويوقع ابنته بعقد زواج صوري,ويحصل على ما يريد,والده (د. صفوان ) يتزوج من عشيقة الوزير ,بعد أن أرغمه على ذلك,لأنها حامل من سيادة الوزير.
هي خلطة غريبة عجيبة, بين سلطة وزير والمال وهوس الجنس ,وربما هو صراع مفتوح بين المال والنفوذ والفن ,بين سطوة المال المسلح بنفوذ كبير وبين القيم الإنسانية, هو فضاء فضفاض لتقديم بعض مما يحدث بالخفاء,عوالم وشخصيات تعيش بفضاء آخر ,وربما ما خفي أعظم , طبعاً حملت النهاية انهيار إمبراطورية الوزير وافتضاح أمره وإقصائه من المشهد الحكومي.
هي وجوه جميلة وتحمل كماً هائلاً من مساحيق التجميل لتخفي جزءاً من قبحها وبشاعتها ,ورغم المبالغة فيما ذهب إليه ولكنها إلى حد ما هي مبررة ,ولكن الإطالة إلى أربعة وثلاثين حلقة فهي غير مبررة, والأهم من هذا سبك شخصيات بإيقاع واحد لم يتغير من بداية العمل وحتى النهاية, وأكثر شخصيات العمل ذات لون واحد (أسود أو أبيض).
أداء …متنوع
لعب الفنان أيمن زيدان دور الوزير مالك بحرفية عالية, وكذلك الفنان بسام كوسا قدم دفئاً جميلاً, الفنان سامر إسماعيل يحاول أن يجتهد دائماً بدوره, الفنان معتصم النهار مشروع نجم,الفنانة سلمى المصري نمطية بالأداء,والفنانة نادين حضور ذو خصوصية, مرام علي فنانة شابة مجتهدة,الفنان جمال قبش طاقة فنية هامة.
إخراج …قدم ما عنده
قام بإخراج العمل المخرج مروان بركات,وهو صاحب تجربة كبيرة في الدراما السورية ,لقد استطاع أن يقدم أفضل ما عنده,ولكن المأزق في النص الدرامي ,ولهذا بقيت الحلول الإخراجية أسيرة الورق (السيناريو).
محمد أحمد خوجة