خلّف الشاعر الفلسطيني الراحل «محمود درويش» إرثاً شعرياً عظيماً و من أعظم ما كتب درويش قصيدة «أحن إلى أمي».
قصيدة أحن إلى أمي قصة بدأت مع طفولة محمود درويش حيث كان ترتيبه الثاني بين إخوته ، و من المُتعارف عليه في مُعظم الأسر العربية أن الأخ الأوسط مهمش بين حب الأخ الأكبر ودلال الأخ الأصغر .
اعتقد الشاعر محمود درويش أن والدته لا تحبه بقدر أخته و أخيه للسبب السابق ذكره لفترة لمدة تزيد عن العشرين عاماً ، حتى اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني عام 1965 على خلفية إلقائه لقصيدة شعرية في «جامعة القدس» دون أخذ تصريح و تم ترحيله لسجن «الرملة» .
جاءت والدته لزيارته وعلى وجهها كل علامات الأسى و الحزن و هي حاملة بين يديها الخبز و القهوة التي أعدتهم خصيصاً له وعندما رفضت قوات الإحتلال إدخال الخبز و القهوة للشاعر «محمود» أصرت على إدخالهم له «لأنه يحبهم» و بالفعل أدخلتهم له( وهناك قول آخر بأن السجان سكب القهوة على الأرض إمعاناً بإذلال الشاعر ووالدته ) وبمجرد رؤيته لأمه ألقى بنفسه بين أحضانها و من هنا شعر بالذنب الشديد تجاه إحساسه الخاطئ نحو والدته كل تلك السنوات، كما قال : ولما انصرفت لم أجد أجمل من الاعتذار لها إلا بكتابة القصيدة، اعتذار عن ظلمي لها سنوات لم أكن أفهمها كما ينبغي أن يفهم الأبناء أمهاتهم». و بالفعل عند انصرافها قرر كتابة (أحن إلى أمي) و لكن وقت ذلك لم يكن مسموحاً بإدخال الأوراق للسجناء ،لذا كتبها على ورق الألمنيوم المُغلف لعلبه سجائره.
ولدت « أحن إلى أمي» نتاج معاناة «محمود درويش» بين طيات سجن الاحتلال و بين طيات حُكمه الخاطىء على أمه، واعتبرت هذه القصيدة من أجمل ما قيل في الأم .
قصيدة درويش قصيدة «أحن إلى أمي» أو «اعتذار» جابت بين الملايين حول العالم و تغنى بها العديد من المُطربين و أبرزهم الفنان اللبناني الكبير «مارسيل خليفة»
والقصيدة تقول :
أحنّ إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي
وتكبر فيّ الطفولة
يوماً على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا متّ،
أخجل من دمع أمي!
خذيني،إذا عدت يوماً
وشاحاً لهدبك
وغطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
وشدّي وثاقي..
بخصلة شعر
بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إلهاً
إلهاً أصير..
إذا مالمست قرارة قلبك!
ضعيني،إذا مارجعت
وقوداً بتنور نارك..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت،فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع..
لعشّ انتظارك!
ماجد غريب
المزيد...