التقينا الدكتور عماد البيطار طبيب العناية المشددة لحديثي الولادة فحدثنا قائلا: نسبة كبيرة من المصابين بعدوى كوفيد-19 لا تظهر لديهم أية أعراض واضحة للمرض، ولكنهم يسهمون بنقل العدوى بشكل كبير، وقد يواجهون خطر المضاعفات المستقبلية توصل باحثون من معهد سكربس البحثي إلى أن حوالي 45% من المصابين بعدوى كوفيد-19 لا تظهر عليهم أية أعراض للمرض، في الوقت الذي يمكن لأولئك الأشخاص نقل العدوى إلى الآخرين، وقد يواجهون خطر مضاعفات المرض في المستقبل. وبحسب الباحثين فإن هذا الانتقال الخفي للمرض قد ساهم بشكل كبير في تفشي العدوى، وهو ما أكدته دراسة أخرى أجراها باحثون من جامعة تكساس إيه آند إم الأمريكية، حيث خلصت الدراسة إلى أن توجيه العامة لارتداء الكمامات في الأماكن العامة قد ترافق بتراجع أعداد الإصابات بالعدوى بشكل واضح في عدة دول حول العالم. ويُعرَّف مريض كوفيد-19 غير العَرضي بأنه الشخص الذي أكدت الفحوص المخبرية انتقال فيروس كورونا المستجد (سارس-كوف-2) إليه دون أن تظهر عليه الأعراض النمطية لعدوى كوفيد-19، مثل السعال أو ارتفاع درجة الحرارة أو الإرهاق أو غياب حاسة الشم. في الدراسة الأولى، قام باحثو معهد سكربس بجمع وتحليل بيانات ضخمة من 16 دراسة جمعية من أنحاء العالم. ولدى مقارنتها مع بعضها، وجد الباحثون بأن العامل المشترك بينها هو ضخامة أعداد المصابين بالعدوى الذين لا تظهر عليهم أية أعراض، والتي بلغت نسباً عالية جداً في بعض المناطق. فعلى سبيل المثال وجد الباحثون بأن إخضاع نزلاء سجون أربع ولايات أمريكية لاختبار تحري فيروس كورونا المستجد أظهر أن ثلاثة آلاف منهم مصابون بالعدوى، وأن 96% منهم لا يعانون من أية أعراض. وتقترح هذه الدراسة بأن المصابين بعدوى كوفيد-19 يمكنهم نقل العدوى لفترة مطولة قد تزيد عن 14 يوماً حتى وإن لم تظهر عليهم أعراض المرض، وهو ما يؤكد ضرورة الاختبارات الموسعة، والالتزام بالإجراءات الوقائية مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات في الأماكن العامة. من جهة أخرى، يشير الباحثون إلى أن غياب الأعراض الظاهرية لا يعني عدم وجود خطر على المريض، إذ أظهرت الفحوص الشعاعية لـ 76 مريضاً لا يعانون من أعراض ظاهرية وجود تغيرات مرضية واضحة في الرئة لدى أكثر من نصف أولئك المرضى، ما يعني بأن عدم ظهور الضرر فوراً لا يعني بأنه قد لا يظهر مستقبلاً. كما أشارت دراسة أجراها باحثون من جامعة توماس جيفرسون الأمريكية ونُشرت مؤخراً في مجلة الجراحة العصبية (doi: 10.1093/neuros/nyaa254) إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأنماط خطيرة من السكتات الدماغية لدى مصابين غير عرضيين بعدوى كوفيد-19 رغم أنهم كانوا يتمتعون سابقاً بصحة ظاهرية جيدة وفي سن صغيرة نسبياً. وبحسب الباحثين، فإن نتائج هذه الدراسة تؤكد على أن انتقال عدوى كوفيد-19 بقطيرات التنفس يُشكل الطريقة الأكثر خطورة لانتشار العدوى، وبالتالي فإنن ارتداء الكمامات في الأماكن العامة والالتزام بالتباعد الاجتماعي هي من أهم الإجراءات الوقائية لتجنب خطر العدوى. ويؤكد الباحثون دائماً على ضرورة استمرار الدراسات العلمية حول عدوى كوفيد-19 لفهمها بشكل أفضل ورسم سياسات مكافحة العدوى بناءً على ذلك.
المزيد...