التعديات واهمال رؤوساء بلديات في العاب .. تهدد مشروع القرى النموذجية بالفشل وخساىر قيمتها مليارات الليرات
عندما تسمع بالقرى النموذجية يتبادر إلى ذهنك أنك ستشاهد قرى منظمة ،و أنموذجا فريدا في التطور والتنظيم العمراني ، ولكن المضمون يحمل في طياته الكثير من الفشل والتخبط والفساد والتلاعب والاخطاء .
لاشك أن القرى النموذجية ظاهرة حضارية تحد من امتداد الكتل الاسمنتية على الاراضي الزراعية الخصبة وتحقق البناء العمراني المنظم بمواصفات عالية من التخديم والبنية التحتية والمواصفات الفنية المطلوبة،وحل مشكلة السكن بانشاء تجمعات سكنية منظمة ..هذا من حيث النية ،لكن النوايا وحدها لاتكفي اذا لم تقترن بالعمل فعندما تذهب على ارض الواقع ستشاهد مساحات فارغة وشوارع محفرة وعطلت الأوحال وبقايا المحاصيل الزراعية تجهيزات الصرف الصحي. فلا أغطية للريكارات، وأعمدة الإنارة مرمية ، ومجموعات الهاتف ليست إلا أطلالاً لقرى من المفترض أن تكون مأهولة منذ سنوات وابقار واغنام ترعى وبعض المنازل المتناثرة بشكل عشوائي وأراض مزروعة واخرى كانت مزروعة وفوضى وخراب واشياء اخرى تثير الكثير من التساؤلات .
انطلق المشروع الحلم منذ عام ١٩٨٢
ويشمل قرى (عين سليمو– الحويجة– شمال القلعة– الزقوم– نهر البارد– جب الأحمر– عين الكروم– شطحة– مرداش- العنقاوي) تتضمن تجهيز /7181/ مقسماً معدّاً للبناء في سهل الغاب الشرقي والغربي وتم تجهيز معظمها بالبنية التحتية ،لكن للاسف فقد تخربت معظمها بسبب الإهمال والتفسير في المتابعة وطول المدة الزمنية و تأخر استثمارها حتى طال الخراب أغلب المرافق العامة التي انتهى عمرها التصميمي قبل أن تستثمر وتقدر قيمة الخراب بمليارات الليرات
ابراهيم سلوم نائب رئيس بلدية نهر البارد قال:إن المواطنين استثمروا الاراضي بالزراعة والبناء بشكل عشوائي وبعضهم وضع يده على مقاسم ليست له ،وجرت عمليات بيع للعقارات بين المواطنين،ونحن كبلدية سجلنا ضبوطا للمخالفين،وبالنسبة للبنية التحتية لم يبق منها شيئا سوى الطرقات الأطلال وتحتاج إلى إعادة تهيئة من جديد،وقد صدر ٢١ حكم قضائي بشأن مخالفات البناء ، وفي عين الكروم الوضع ليس أحسن حالا كما قال رئيس البلدية رئيف عثمان فقريتهم النموذجية ليست إلا ٥٠ مقسما على الورق فقط ، والاستثناء الوحيد في القرى النموذجية هو في شطحة كما جاء على لسان رئيس البلدية امير محفوض حيث قال يوجد لدينا ١١٠ مقاسم وهي مشغولة بالبناء ووضعها جيد.
في العام 2011، كان هناك فرصة للنهوض بالمشروع مجدداً، إذ قررت الحكومة حينها نقل ملكية القرى النموذجية لمؤسسة الإسكان، لكن الاخيرة بعد 7 سنوات اعتذرت لعدم توافر الملاءة القانونية ،ومع كل تغيير حكومي يأتي الفريق الحكومي الجديد، حاملاً معه رغبة في استئناف العمل لاستثمار المشروع ، ثم لا يلبث أن يخمد الحماس وكأن العجز دب فجأة بالفريق. لقد صدرت عشرات القرارات كان مصيرها الذبول، وصولاً إلى إحالة الملف إلى البلديات التي تعجز عن توفير سيولة لتسديد رواتب عمالها.
ومنذ سنتين تقريبا تمت دراسة الوضع الراهن لكل قرية على حدة وفق المخططات المعتمدة سابقا مع الاخذ بعين الاعتبار الأجزاء الموزعة والمشغولة في كل قرية والبنى التحتيةووضع قاعدة بيانات وفق الواقع مع الحلول والرؤى وكيفية الاستفادة من التصورات والمقترحات القابلة للتطبيق بحيث يجري استثمار جزء من هذه القرى بمشاريع استثمارية تنموية لا تؤثرعلى التنمية العمرانية المقترحة
وتم تشكيل لجنة من عدة وزارات لوضع الرؤية النهائية ،وكانت هناك مقترحات لتطبيق مبدأ الجمعيات والشراكة مع اي شركة او وزارة ترغب بالاستثمار في القرى النموذجية،ولدى سؤال عضو المكتب التنفيذي المسؤول عن الملف المهندس رفيق عاقل اكد للفداء ان الامور على حالها ولم يتغير فيها شيء.
وبالنسبة لمخالفات البناء في القرى النموذجية في سهل الغاب الغربي والشرقي أكد صالح ابراهيم عضو المكتب التنفيذي لقطاع البلديات أن المسؤولية تقع على عاتق رؤساء البلديات في الدرجة الأولى،وقال إن المشكلة اجتماعية شائكة اكثر مماهي مخالفة كون بعضها كان يقع تحت سيطرة العصابات الارهابية المسلحة فلا يمكن ازالتها في مكان وتركها في آخر.واوضح ان إحالة موضوع القرى النموذجية للبلديات لم تنجح لأسباب متعددة.
وفي نهاية الحديث نقول: إن المشروع مهدد بالفشل رغم اللجان التي شكلت ،والاجتماعات والزيارات واللقاءات،والأموال الكثيرة التي صرفت،والاحلام الوردية التي رسمت، ولم تكن هذه القرى اسما على مسمى ،والاحلام انتقلت إلى الاحفاد، بانتظار قرار حاسم لإنجاح المشروع وإعادة الحياة له وقمع التعديات عليها و محاسبة رؤوساء البلديات المقصرين .
فيصل يونس المحمد