انتشرت صناعة أطباق القش بوفرة في السقيلبية، قديماً، وحظيت باهتمام واسع من قبل النسوة فيها، فتسابقنّ في صنعها بأشكال وحجوم متباينة، وتبارت أصابعهنّ بإبداع زخارفها، ونقوشها لتتصدر جدران البيوت فوق وبجانب النوافذ والرفوف الطينية، المزخرفة هي أيضاً، لتكتمل بذلك لوحة الجمال الطبيعية المستمدة من جذور الأرض، وما تنتجه، حيث الطين والحوار لصناعة الرفوف ونقوشها، وسيقان القمح للأطباق والربابيع.
لم يخلو بيتاً منها، لا بل زاد عن كفايته، وحاجته في استعمال هذه الأطباق في الحياة اليومية، ولعلّ تلك الوظيفة الأبرز لها، فاستعملت إلى جانب الأواني النحاسية، وكان الطبق بأحجامه الثلاثة المتباينة، يستخدم لوضع الطعام كما الصينية اليوم، ناهيك عن استعماله أيضاً مع الربوعة “الأقرب إلى شكل الطنجرة” بحجومها ومقاييسها الثلاثة أيضاً في أعمال تنقية وجرش وتنسيف القمح والحبوب خاصةً.
بقيت هذه الحرفة، مزدهرة حتى أواخر السبعينيات، من القرن المنصرم، ومن بعدها تلاشت شيئاً فشيئاً من البيت السقيلباوي، لأسباب عديدة أبرزها، إحجام النسوة الشابات عن تعلم صنعها، مفضلين، الأواني والأطباق الحديثة المعدنية، والبلاستيكية، خاصة بعد انكفاء الأعمال المتعلقة بالقمح والحبوب في البيوت، ما يعني عدم وفرة المواد الخام” سيقان القمح” لها بين الأيادي، والأهم من ذلك هو طغيان ثورة البلاستيك، على حياتنا المعاصرة واقتحامها كل بيت، فُاستبدلت السيقان الطبيعية للقمح بالبلاستيكة الصناعية، ورغم بريق ووفرة الألوان وتنوعها في هذه الخامة الجديدة، إلا أنها لم تستطع أن تنافس ذلك الجمال الأخاذ، لتلك النقوش والزخارف المصنوعة من قمح السقيلبية الشهير.
—————
غيث العبدالله