من الورق إلى الذكاء الرقمي… طالبة هندسة بحماة تقدّم أنموذجاً عملياً لإدارة المشاريع

الفداء: شريف اليازجي 

عبرت المهندسة المدنية، آية محمد الشيخ مرعي، طالبة في جامعة حماة، من حدود الالتزام بالورقة والقلم، إلى عالم الذكاء الرقمي، في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا، لتعيد تشكيل المفاهيم الهندسية التقليدية.

لم يكن مشروع تخرجها مجرد واجب أكاديمي، بل تجربة تطبيقية متكاملة، حيث جسدت فيها كيف يمكن للهندسة، أن تكون رقماً، وتدار بذكاء، وتُعرض بتفاعل حيّ.

بدأت آية مشروعها، بإنشاء أنموذج منتجع سياحي باستخدام تقنية نمذجة معلومات البناء (BIM)، وهي منهجية حديثة تتيح تصميم المباني رقمياً بشكل ثلاثي الأبعاد قبل تنفيذها. لا تقتصر هذه التقنية على الشكل الهندسي، بل تشمل التفاصيل الإنشائية، والكهربائية، والصحية، مما يجعلها أداة فعالة في يد المهندس العصري.

اعتمدت في تنفيذ المشروع على برنامج  Revit، والذي يُستخدم في تطبيقات الـ BIM  لتصميم أنموذج ذكي يحتوي على عناصر المشروع كافة، بدلاً من المخططات التقليدية ثنائية الأبعاد. بهذه الخطوة، وضعت آية أول حجر رقمي في مشروعها.

انتقلت بعد ذلك إلى مرحلة إدارة المشروع، باستخدام برنامج  Primavera، أحد أبرز أدوات تخطيط المشاريع الكبيرة والمعقدة، مثل مشاريع الإنشاءات، والبنية التحتية. استخدمته لحساب خطة زمنية دقيقة، وكلفة تنفيذ المشروع، ما أضفى على عملها طابعاً احترافياً متكاملاً.

وتتابع آية حديثها قائلة: “ولأن التميز لا يأتي من التكرار، قررت أن أبرمج خوارزمية خاصة باستخدام Dynamo، وهي إضافة لبرنامج Revit تتيح البرمجة المرئية، حيث يمكن بناء مخططات منطقية تنفذ المهام تلقائياً، دون الحاجة لكتابة أكواد تقليدية”.

وتضيف: “استخدمت هذه الأداة لتصدير مساقط المبنى بشكل منفصل لكل طابق، مما وفر وقتاً وجهداً كبيرين، وأظهر قدرتها على الدمج بين الهندسة والبرمجة. ولأن البيانات لا تكتمل إلا إذا عُرضت بذكاء، لجأت إلى برنامج Power BI من تطوير شركة Microsoft، لتحليل البيانات وعرضها بطريقة تفاعلية وسهلة الفهم”.

وصممت أربع لوحات تفاعلية لعرض بيانات المشروع، لكنها واجهت تحدياً تقنياً في كيفية إظهار المساقط الهندسية داخل Power BI، حيث تواصلت مع شركة OKViz المتخصصة في أدوات العرض داخل  Power BI، واستفسرت عن إمكانية الحصول على نسخة طلابية من أداتهم.

ورغم أن الشركة لا توفر نسخاً مجانية للطلاب، إلا أنها أُعجبت بالمشروع ووافقت على منحه نسخة مجانية لمدة سنة، مقابل استخدام المشروع كحالة دراسة على موقعهم الرسمي. وهكذا، نُشرت المقالة باسمها، وذُكر اسم جامعتها ودكتورها المشرف، في إنجاز يُسجل على المستوى الأكاديمي والمهني.

في حين يعتبر ما قدمته آية، لم يكن مجرد استعراض تقني، بل تطبيق عملي يُعيد تعريف طريقة إدارة المشاريع الهندسية. ففي السابق، كانت التقارير تُعدّ يدوياً عبر دفاتر مساحة وكشوفات شهرية، غالباً باستخدام Excel، أو حتى ورقياً، مما كان يستغرق وقتاً طويلاً، ويؤدي إلى أخطاء متكررة.

أما الآن، فإن إعداد تقارير بصرية عبر Power BI يُتيح تحديثاً دورياً للكلفة والزمن، ويُسهّل التواصل بين المهندس والمستثمر، ويمنح المشروع شفافية ومرونة غير مسبوقة.

لم يكن مشروع آية محمد الشيخ مرعي مجرد تخرج، بل إعلاناً عن مهندسة تفكر خارج الصندوق، وتُجيد استخدام الأدوات الرقمية لتقديم حلول واقعية. حيث نسجت آية خيوط مشروعها بذكاء، وأثبتت أن الجهد الحقيقي لا يُقاس بعدد الساعات، بل بمدى الإصرار على تحويل المعرفة إلى تطبيق، والفكرة إلى أثر.