– المراهق.. شخصية لها عالمها الخاص. فهو منفعل أحياناً ومرح أحياناً أخرى…متقلب المزاج، مرهف الإحساس متشبث برأيه.. لايقبل النقاش أبداً… هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها المراهق حرجة وصعبة للتعامل معه..
لذلك علينا الاهتمام به، وبنشاطه وميوله، لأنه من السهل على المراهق أن يتوسع في نشاطه ويبدع في هوايته إلى درجة إهمال واجباته العائلية والمدرسية…. وهنا يجب توجيهه للأحسن وبهدوء تام لنصل معه إلى ما نريد… وما يريد.. قد يختلف رأي الأهل والأبناء، ويشتد الخلاف وتكثر النقاشات دون جدوى بسبب الفراغ الذي يعيشه المراهق، أو انشغاله إلى مالا نهاية بنشاط خارج المنزل ، والأهل دائماً في حيرة من أمرهم.. لكن عندما نمعن النظر نراقب تصرفات مجموعة من المراهقين، كيف يمضون معظم أوقاتهم يمكن أن نجد أن 40٪ من أوقات المراهقين تكرّس للأنشطة المسلية مثل الرياضة ومشاهدة التلفاز والنشاطات الإجتماعية.. وأن 31٪ من أوقاتهم اليومية تكرس للطعام، والاهتمام بالمظهر، ونقل الرسائل الشفهية أو المكتوبة… و29٪ من أوقاتهم في الأنشطة المنتجة مثل الدراسة والعمل. منهم من يميل إلى العزلة وتكون العزلة أحياناً مفيدة فهم يحتاجون بعض الوقت ليتأملوا بمجريات حياتهم ويفكروا… ويحلموا… كل هذه التصرفات تقلق الآباء بشأن الفراغ الكبير الذي يحيط بأبنائهم لدرجة قد تصل بالآباء إلى حد الجنون.. قالت إحدى الأمهات وهي متعلمة.. ومثقفة… إن ابنتي المراهقة.. تقوم بنشاط يشغل فراغها، ويرضي هوايتها، وأحياناً يأخذ من وقتها الدراسي… لأنها تمضي أكثر يومها خارج المنزل .. لايوجد لديها لحظة فراغ أبداً.. نضغط على نفسها لتوازي بين نشاطها ودراستها دون أن تعطي لنفسها وقتاً حتى لتنام جيداً، وهذا يزعجني ويؤرقني.. إن الطريقة السليمة ألا يقع المراهق في فراغ يسبّب له العزلة الدائمة أو الانحراف.. لطريق خاطىء… أو الابتعاد عن دراسته. لكن مثلما يحتاج المراهقون إلى الإنشغال بين المدرسة والأنشطة فهم يحتاجون أيضاً إلى أوقات فراغ من أجل تلبية حاجاتهم الخاصة .. مثل الراحة، والقيام بمسؤولياتهم تجاه الأهل، هنا يتوجب على الآباء أن يساعدوا أبناءهم (وبلطف) لإيجاد توازن بين أن يكونوا نشطاء… ونشطاء جداً من خلال (محاسن ومساوىء) إضافة واجب جديد سواء كان عملاً.. أو نشاطاً خارج المدرسة. وندعهم أن يتخذوا الرأي الصائب.
كلمة أخيرة.
أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض.. طفل الأمس صار مراهقاً.. والمراهق بعد فترة سيصبح شاباً.. ورجلاً.. وأباً وأماً إن كانت فتاة، وهكذا الحياة. والمراهق في هذا الزمن الحالي .. غير مراهق الماضي ، كل شيء اختلف تماماً لذلك علينا أن نتخذ من أبنائنا أصدقاء ظرفاء طيبين، نشترك معهم في ميولهم ونجعل من كل لحظة نقضيها معهم مسرّة لهم، نتابع نشاطاتهم خارج المنزل ونناقشهم في نجاحهم، نمتدح تفوقهم في دراستهم، ونشد على أيديهم ، ولانركز على فشلهم نغض الطرف بعض الوقت عن تصرفاتهم ، نعيش عمرهم ونفكر كما يفكرون…. عندها نفرض عليهم احترامنا ، ومحبتنا ويكونوا أهلاً وأحباءً لنا… وأصدقاء أوفياء.
رامية الملوحي