وقفت قرب الشاطئ نظرت إلى الأفق البعيد عله يأتي مع سرب النوارس القادمة ، لقد انتظرته كثيراً غربت الشمس ، ذبلت القرنفلة الحمراء التي أحضرتها له ، لم يأت نورسها عادت كئيبة حزينة إلى بيتها تلم شتات كبريائها بدموعها المنسكبة وهي تحدث نفسها:
ـ لن أمل الانتظار بعد عام سوف يأتي عيد الحب وسأعود ثانية إلى الشاطئ وألقاه .. إنه سيعود يحمل لي بجناحيه وفي حنايا صدره ، وجداً ، وحباً . وشوقاً، إنه يحبني منذ زمن ليس له تاريخ هو همس بأذني عندما ضمني إلى صدره ووضع على شعري وردة حمراء حملها إلي من قارة إلى قارة ، قبلني قائلاً:
ـ أنا أحبك وسوف أعود ، انتظريني .. عندما يقبل الربيع جلست تفكر بقساوة الزمن الذي يزمن في اغتصاب راحتها وسعادتها وأخرجت من جعبة ذاكرتها ماتبقى لديها من ذكريات وصور قديمة ومساءات عاشتها معه بكل ما فيها من ابتسامات مشرقة ولحظات سعيدة حلوة .
كل تلك الذكريات خبأتها من أجل زمن بلا أوراق ، بلا كلمات ، بلا إنسانية ، نظرت ملياً للسماء للغسق الذي رحل بعد أن لون الدنيا بحمرة الخجل وقالت :
يا أعز الناس : كلما حاولت أن أكتب لك رسالة يطير خيالي إلى البعيد ولكن أين .. أكتبها ياترى أأكتبها على صفحة السماء الزرقاء بقلم من الهواء أجمع حروفها من غناء البلابل ورقص النوارس ، وأجعل حبرها من عطر الورد وتذهب الرسالة عبر الهواء منقوشة فوق أثواب الأرض الجميلة.
سأنتظرك يا نورسي عاماً آخر وأنت بعيد في هذا المدى الشاسع تسافر إلى اللانهاية فأنا لن أنساك إن ذكراك تشق طريقها إلى خاطري على الرغم من السحب السوداء المثقلة بثمار القدر القاسي … أخرج أحياناً من حنايا روحي وجوّها عابرة الأيام أبحث عنك بين الوجوه المتجذرة في حياتي فلا أجدك ، لقد رحلت في ليلة عاصفة ومازلت تهيم على وجهك مضيعاً ملامحي بين البراري والسهول وكنت في يوم من الأيام سيد أحلامي ، فإلامَّ تبقى هائماً مرتحلاً من السراب إلى السراب ؟…
سوف يمر العام ويأتي عيداً آخر وأنتظرك بلهفة عاشقة وجنون حبيبة . أيها الحبيب الغالي … كرمى لعينيك حبيبي سأكتب إليك بطاقة حب ، أكتب لك عن سر العناق والحب والوفاء الدائم في الطبيعة الرائعة بين الشجر والهواء ، بين الأرض والسماء بين البحر و الرمل والشاطئ فثمة حكاية عشق أبدية تنسج خيوطها في داخلي ترتوي من دمي وتنساب في خلايا جسدي .
عندها أنقل إليك ومن عيد إلى عيد تراث حبي وهتاف قلبي وخاطري فكل عيد وأنت حبي يا حبيبي …
رامية الملوحي