إن موضوعي هذا،ليس دعوة للعودة إلى الماضي،أو ماهو قديم أو متخلف…
في عصر الذرة…والفضاء…والتلفزيون…والحاسوب…والأنترنيت…وليس دعوة لتغريب الإنسان بتقديم معطيات بعيدة عن تكوينه العقلي والروحي والثقافي.إنما هي دعوة إلى الاستفادة من التجارب والخبرات والقيم والمعطيات الإنسانية في التراث الإنساني بما تقدمه قصة الطفل والحكاية الشعبية…التي ترويها الجدات للأحفاد.فهي قوت لديهم ملكة الخيال ،وفتحت عندهمالقدرة اللغوية،فكانوا يستطيعون إعادة تلك الحكايات ،وروايتها وربما صنع حكايات تماثلها.
وماتطالب به قصة الطفل امتلاك القدرة على شحذ خياله وتنمية مقدرته اللغوية،فالحكاية الشعبية وقصة الطفل بنيت على مقومات أهمها:
المكان:للمكان في السرد القصصي أهمية كبيرة أيا كان شكل ذلك السر سواء كان أسطورة ،إو حكاية شعبية،أو رواية،أو قصة…
وفي كثير من الحالات يبدو المكان جزءا أساسيا من أجزاء السرد بل عنصرا فاعلا فيه لأنه يؤثر في الشخصيات والحوادث وتتأثر به.
وقيمة المكان لا تأتي من التسمية ،فالتسمية وحدها غير كافية …
لأن المكان في العمل السردي كان يقوم على التخيل اللغوي والغاية منه بناء العمل السردي وخدمته بما يناسب التسميات…في الحكايات الشعبية مثل:بلاد الهند…بلاد السند…وجزر الواق واق…وبلاد العجم.
أما قصص الأطفال اليوم تعتمد على تسمية مبهمة لإثارة خيال الطفل أكثر مما تعتمد على التسمية الجغرافية العلمية المحددة…
وصف المكان:إن وصف المكان له أهمية في سرد الحكاية،وتعمد الحكاية الشعبية إلى تقديم وصف موجز عام للمكان،ولا تدقق في أجزائه،ولا تستقصي عناصره في قصر أو بيت فقير أو في غابة مظلمة أو شاطئ بحر.
والحكاية الشعبية.خيال وهمي تتفاعل شخصية على مستويين،مستوى الخير…ومستوى الشر.
المكان والتخيل اللغوي:له قيمة أساسية في المكان القصصي لكونه مكانا لغويا تصنعه اللغة وهو قد يشبه الواقع ولكنه لايتطابق معه فهو مكان مستقل مرجعيته بنية العمل القصصي بعناصره كافة وليست مرجعية الواقع الخارجي لأن الغاية منه ليست تقديم معرفة تاريخية،أو جغرافية أوطبيعية .وإنما تقديم خبرة إنسانية وهذا يؤكد إحدى وظائف القصة وتطويرها،وهو مالايمكن أن تحققه الصورة السينمائية،أو التلفزيونية ذلك وإن ما يقدمه السرد القصصي للطفل من خلال اللغة يساعد على اكتساب اللغة وازدياد مفرداتها ونمو تراكيبها،والقدرة على استخدامها…
همسة أخيرة:
لا بد من الإشارة بعد أن عبرنا معا ممرات الحكايا الشعبية ودخلنا معابرها وعشنا لحظاتا ممتعة اخترقنا فيها عالم الخيال والصور والأماكن،وعرفنا دور الحكاية الشعبية،وقصص الأطفال.لكن لايمكننا أن نلغي دور الصورة ودور المسلسلات ،وإنما ندعو إلى تنمية المهارة اللغوية وشحذ الخيال عن الطفل ومالقصة المقروءة والمروية إلا إحدى الوسائل ولو استطاعت برامج التلفزيون أن تفعل ذلك أو تؤديه لكان هذا غاية مانسعى إليه لأن ماهو إنساني صحيح مستمر بصور وأشكال جديدة
وتلك هي الحقيقة الإنسانية.
اعداد : رامية ملوحي.