توارثت الأرياف السورية عموما ومنها ريف محافظة حماة الطقوس والعادات على مر الزمن، ولم تغب الأكلات الشعبية عن هذه الطقوس، فلكل منها مناسبته الخاصة وطقوسه التي تميزه ليصبح له رونقا ونكهة خاصة، وتجعل منه إرثًا شعبيًا حقيقيًا.
ومن هذه الطقوس السليقة أو القمح المسلوق الذي ياتي بعد موسم الخير حصاد القمح، وذلك لانتاج مؤونة البرغل للشتاء. وتحتفظ هذه الأكلة التراثية بتفاصيلها وذكرياتها إذ ويرتبط تحضيرها بمناسبات عدة.
عادة سنوية
وهي عادة سنوية يقوم بها أهل الريف ليؤمنوا مادة البرغل ، حتى أنها تحولت إلى مهنة يعمل بهاةالكثيرون من سكان الريف ليبيعوا انتاجهم من البرغل.
تؤكل السليقة حسب الرغبة أثناء عملية السلق من خلال التقاط حبات من القمح المسلوق، ولا مانع من ذرات ملح، أو سكر، لتتمتع بطعم لذيذ، ونحن نقدم هذه الوجبة التي تمتد معنا طوال موسم شتوي كامل.
طقوس السلق
يتم الحصول على مادة البرغل من خلال سلق القمح في ملحمة تراثية محببة كان قديما يشترك بها أهل الحي جميعهم تقريبًا، وفيما يخص طقوس إعداد وتحضير السليقة، فإن هذه الطقوس لا تنحصر على مشاركة الجيران والأقارب فحسب، وإنما تُشكل عيدًا للأطفال الذين يتجّمعون حول “الحلّة” وبحوزتهم صحونٌ صغيرة، بانتظار تناول حصتهم من السليقة المخلوطة بقليلٍ من الجوز والسمن العربي، والمحلاة بالسكر أو الدبس، ليتلذذ الأطفال أكثر بنكهتها.
طريقة تحضيرها
يأتي موسم السليقة مباشرةً بعد موسم الحصاد حيث تحدد كل عائلة الكمية التي تكفي حاجتها من مؤونة البرغل, ثمَّ يتم الحصول على كمية القمح المطلوبة.
ويقوم أساس العملية على سلق القمح في قدر كبير باستعمال الحطب بعد غسله وتصويله بالماء، ويتم نشر القمح المسلوق على سطح المنزل لمدة 3 أيام مع تقليبه، وتعريضه للشمس بشكل مستمر لضمان جفافه كليًا.
يتم بعدها طحنه واستخراج عدة أنواع من البرغل الخشن والناعم، والتي تشكل مادة أولية لاغلب الاكلات.
هذا الطقس مهدد بالاندثار بسبب تراجع الكثير من أهالي المنطقة عن صنع السليقة التي تتطلب مجهوداً كبيراً في صناعتها رغم انها تلقى شعبية.
هذا هو يوم السليقة, فرح يشمل القرية بكامله حيث يتهافت الجيران للمساعدة في نقل القمح أو التصويل أو النقل على سطح المنزل ونقل الماء, ولا بدَّ أنَّ جميع الجيران ومن يمر في تلك الفترة لا بدَّ من أن يأكل من “السليقة”.
وعلى الرغم من انحسار عملية سلق القمح في مناطق كثيرة، إلا أنها تلقى شعبية كبيرة لدّى الأطفال، لذلك تجدهم مستمتعين بهذا الطقس الذي قد لا يتكرر إلا مرّة واحدّة كل عامين أو أكثر، فلا مانع من الاحتفال بهم وسلق العرانيس والبطاطا مع القمح، أو حتى شوائها.