كثيراً ما تواجه وانتَ في غمرة الحياة، في حيثياتها وتشعباتها ، في تفاصيلها اليومية ،في ميدان العمل ، في الحافلة ،في جلسة ثنائية او جماعية ،تواجه اشخاصاً غريبي الأطوار ،يثيرون ضجيجاً لا يُحتمل في الأماكن التي يحلّون بها ،يتصدرون الجلسات ، يستعرضون بطولاتهم ومغامراتهم وإنجازتهم في شتّى المجالات ، تشفق عليهم مما هم فيه ،تخالهم مرضى وهم ليسوا كذلك .
تقول في قرارة نفسك ثمة هلوسة اصابت هؤلاء جعلتهم يفقدون توازنهم العقلي والنفسي، هؤلاء للأسف ينتشرون في كل الأوساط وخصوصاً الوسط الثقافي، الادبي ،الإجتماعي…. واللافت ان هؤلاء تضخمت لديهم «الانا » لدرجة النرجسية،او أنّهم أُصيبوا بداء العظمة، هم من يتنطع للمهمّات الصعبة -على حد زعمهم – ويقدّمون انفسهم على أنهم الاوحد في الساحة حيث لا يُشق لهم غبار .
لهم الفهم والدراية والتحليل والتفنيد وتقديم النصائح والمواعظ، يسلكون دروباً ملتوية ويلهثون وراء الفتات، عقولهم خاوية والسنتهم كما يقول المثل الشعبي «بسبع شطلات » اسماؤهم تتنقل من منبر إلى آخر ،وتزين بطاقات الدعوة والشاشات، همهم ان يكونوا في كل المطارح، لاسمائهم ضجيج بلا مضمون، تجدهم يتهافتون على تصدر المقاعد الأمامية في النشاطات ويعتبون باشد العبارات إذا لم يحالفهم الحظ وجلسوا في الصف الثاني، نسجوا لانفسهم هالة يحسبها البعض وجاهة وقيمة ومعرفة، لكن هي في الحقيقة اوهى من بيت العنكبوت.
اينما اتجهت تجد امثال هؤلاء ،تُشفق عليهم لكنهم للأسف يسيدون ويميدون وقد ارتدوا جلباباً مزيفاً من العلم والثقافة والمعرفة.
يتابطون كتاباً وهم بالكاد يفكون الحروف، يتنطعون للمهمات الصعبة والإنسانية لتبييض وجوههم التى اعتراها السواد، وايديهم المعفرة بالحرام ، اسماؤهم تسبقهم عبر ضجيج لا ينتهي، تسمع اقوالهم ولا تلمس افعالهم، تسمع ضجيجاً ولا ترى طحيناً.
* حبيب الإبراهيم