على حافة قبرٍأقف متوشح يأسي وألمي هذا دأبي كل يوم لا أصدق فكرة الموت وأتخيل عمق المأساة وكيف خطف الموت أمي وأبي بقذيفة حقد طائشة في ساعة واحده ويوم واحد وأتذكر كلمات أبي كان يقول لها اللهم اجعل يومي قبل يومها وهي ترد عليه لا انشاءالله يومي قبل يومك أنا لا أستطيع العيش بعدك ولا دقيقة واحده سبحان الله لقد استجاب الله لدعائهم في ساعة كانت أبواب السماء مفتوحة
أرى أوفى صديق للإنسان أمه وأبيه ..بفقدانهم
أصبحت وحيداً لذلك ألجئ إلى كُتبي وأوراقي وأقلامي..
صمت رهيب من حولي والظلام مخيف، سحاباتُ سوداءتغشي العيون
تهدأ الحركات ويخيم السكون يتخلله جرس أصواته مخيفة تأتي من مكانٍ بعيد تهمس في الأذنِ نداءات صادرة من حناجر عذارى كعذراء الصخور لأوليس اليوناني ربما أنا أسيراً تلك اللحظات لا أسمع غير وقع خطاهم وأرى خيالات ٍ بأشكالٍ مختلفة أقوم أبحث عنهم في خطى مثقلة ،
وأنا مثخن بالنداءات بصوتٍ مرتجف
رويدك أيها الموت انا لا أخشاك
تعلمت منك كيف أعلن ولائي لله وأقاوم الخيبات المحفوفة بالآلام والأوجاع وأعرف
كيف استبدل الضعف بالقوة
وأتناسى تلك الايام التي ذهب فيها ابي إلى الحرب وعاد بساق خشبية.ولان أمي شفافة نقية خُلقت من نور الله تقبلت المصاب
وأذكر كيف خيم الموت على أضرحة النظرات المارقة ،
سأعرف كيف أنجو من غوائل
الصمت !
قل لي ،أيها الملاك
هل حدثك المساء قبل أن تقبض أرواحهم
عن تلك العيون الشاخصة في ذات اليوم المشؤم
وعن بقايا وجوه قد بلغ منها الشحوب عتيا ،
وعن تلك الغيمةالسوداء التي كادت هي الأخرى أن تجسم على صدري
وأزيز انفاسهم برائحة المسك والعنبر ،
ما أقسى تلك الشهقة شهقة الموت.ماتوا وظل الحب بلا روح وقلب لا ينبض
كلاهما جمع متاعه وتأبط حقيبته استعداداً للرحيل بصوت مخنوق ، من غير وداع
هاجروا مع غيبوبتهم المتطايرة حيث جنات الخلد
~~~~ يقولون أن الأرواح تزور محبينها ليتهم يفعلون ويسمعون لكلمتهم عن حزني وألمي حقاً إن الإنسان يولد
وحيداً ويعيش وحيداً ويموت وحيداً..ما أصعب الإنسان أن يمضي ويصبح ذكرى بعد أن كان وجوداً… وإن يقول الناس كان فلان بعد أن كانوا يقولون هذا فلان؟ جراح عميقة في القلب ودرنات حزنٍ أليمة تشع في النفس.رهبة الموت عظيمة بقدسيتها وجلالتها يوماً ما سنموت وتبقى قلوبنا شواهدولأن الحياة لاتعطيناكل ما نحب ولكن من يحبوننا بقلوبهم هم من يعطونا كل الحياة
نعم لقد أصبحت أمي ذكرى وأبي أيضاً لقد استشهدوا وأصبحوا وجوداً
بقلم فاطمة كردي