( قيل الفن وسيلة للتغلب على الزمن … ولبلوغ لحظة الأبدية ) وقد اهتمت كافة الشعوب بالموسيقا … وقال فيها المبدعون أشياء كثيرة . لأن الموسيقا تحقق للإنسان لحظة الحاضر ولأن الأنسان محكوم عليه أن يعاني جريان الزمن ، ولا يمكن أن يجعله ثابتاً حتى في الحاضر ، فالموسيقا غايتها إنشاء نظام بين الأشياء ، ونظام بين الإنسان والزمان ، الموسيقا تعلو بنا إلى آفاق سابحة مع النغم فوق الواقع ، وفوق الزمن وحضورها يعطي للحياة معنىً وصدقاً لأنها تحيي الروح وتحقق نوعاً من اللذة الخاصة للإنسان يشعر نحوها بنوع من الحب المسحور ، وهي تخرج الفرح من الذات ، أو تذرف الحزن من الذات أو تثير انفعال الذات .
للموسيقا تعابير منوعة ، تخترق الماضي والحاضر والمستقبل متخذة لهجة الكائن البشري ذاته بأبعاده الداخلية ، وتعبر عن ذكرياته .
أحلامه ، رغباته .
فهي مرأة لتجاربه الإنسانية ، والروحية ، وتموجاتها الحميمية هي المحتوى النفسي الدفين والمغلق.
رافقت الموسيقا الإنسان منذ بدء العصور ، ومرت بمراحل متعددة عبر التاريخ وتطورت عبر الأزمنة ، وحافظت على استمراريتها العميقة مع كل الحضارات .. وامتزجت ، وتلونت ، وأشرقت ، وكانت موضع اهتمام الامبراطوريات والملوك والخلفاء .
وصرف للموسيقيين جوائز ومكافآت سخية واهتموا في ثقافتهم ومعرفتهم ومهارة إبداعهم.
وقام صوفيون مشهورون ، بنشر المحبة الإنسانية على أوتار موسيقاهم ولعبت الموسيقا دوراً هاماً في تجمعاتهم وكانت تعقد الحلقات الموسيقية الدورية عند قبور الصوفيين .
وقد ترك الصوفيون سمة سامية على الموسيقا عن طريق ابتكاراتهم واستخدموها كوسيلة لتوصيل رسالتهم حول الأخلاق والسمو الروحي .. بالإنسان نحو المطلق ولا تزال الأغاني التي ألفوها لها جاذبيتها ، وحيويتها ، لإيمانهم أن الموسيقا غذاء الروح البشرية ووسيلة لنشر الفلسفة الصوفية .
رامية الملوحي