قبلَ ثلاثة عقود أهداني الصديق الأديب يحيى خضور مجموعته القصصيّة (البيت والدخان ) وهي مذكّرات عن حرب تشرين التحريرية، عاشها بكلّ تفاصيلها وحيثياتها ،وكان له شرف المشاركة فيها، عندما كان يؤدّي الخِدمة الإلزاميّة في سلاح الدفاع الجوي ،ونشرتُ عنها دراسةً نقديّة مطوّلة في صفحة الثقافة في صحيفة الفداء ،ثم توالت إبداعات وإصدارات الأديب خضور ،فكانت مجموعته :(جائزة لأقبح وجه بشري )عام 1994و(رحلة في القطب المتجمد العربي ) عام 1995و والقيت عليها الضوء ايضاً في (الفداء) وهي مجموعة قصصية ساخرة ،حاول من خلالها الكاتب ان يغوصَ في قضايا الإنسان العربي المعاصر، مع ما يعتريه من خيبات أمل ،وإنكسارات وضياع …. ومجموعة (شهرذاد تسترد مملكتها )عام 1998 و(فتاوى قاتلة )عام 2001 …..
يكتب الاديب خضور القصة القصيرة بواقعية بعيداً عن التكلّف ،يستمدُ اشخاصه من بين الناس ، حتى تحسب نفسك أنّك تعرفهم ،أو يعيشون بيننا ،مع مسحة واضحة من النقد والسخرية الواضحة ،كما انه يستخدم لغة بسيطة، مفهومة ،لا تعقيدات فيها ويمكن ان تصل إلى القارىء بيسر وسهولة مهما كان مستواه الثقافي والمعرفي .
وإن كان الاديب ابن بيئته فإنّ لمصياف ،المنطقة الجميلة بناسها وطبيعتها نصيب وافر في قصصه وإبداعاته تتجلّى في اكثر من قصة ،وهذا يعكس بلا شك تجذّر الكاتب بارضه وبيئته ووطنه .
يعدّ الاديب يحيى خضور من الأدباء المقلّين في الظهور الإعلامي ،سواء المقروء او المرئي ،او المشاركة في انشطة وفعاليات ثقافية ،وربما يعود ذلك لظروف خاصة ،لكن من المؤكد ان له بصمات واضحة في نهضة وتطور القصة القصيرة في سورية ووقوفه إلى جانب المواهب الشابة والاخذ بيدها والمساهمة بصقلها ، وله العديد من المجموعات القصصية والشعرية قيد الإنجاز مثل (مساحات من الهم ،دموع للتاريخ ،جلسة في برلمان المثقفين ،دكتور مسبق الصنع )
إلى جانب القصة له مجموعة شعرية مخطوطة بعنوان (من يستحق الوطن ؟)
ركّز الاديب خضور في أعماله وبروح ساخرة، واسلوب ناقد على القضايا الوطنية والإجتماعية والإنسانية ،محاولاً تشريح الظواهر السلبية في المجتمع برؤية فنية ساخرة، كان لاذعاً في نقده، فناناً في صوره، وفيّاً لادبه الذي اراد من خلاله ان يغيّر ويبدّل القبح والظلم بالجمال والعدل والتسامح والإخاء…
يتفرد خضور عن سواه من الأدباء بإسلوبه الساخر في القص ،حيث يستخدم الإسقاطات الرمزية عبر إستلهام الروح والقيم الإيجابية من الماضي وتوظيفها في الحاضر لإستنهاض الهمم والإرتقاء بالإنسان المعاصر ،حيث يمزج وبفنيّة واضحة بين الذاتي والموضوعي مما يسهّل عملية الوصول و التواصل مع القارىء والمتلقّي .
وفي ذلك يقول الاديب الشاعر حامد حسن في معرض تقديمه لمجموعة (جائزة لأقبح وجه بشري ):
(( من بين المِيز التي يتحلّى بها القاص يحيى خضور ،ميزة تكاد تطغى على ما سواها،ميزة يستحل بها قلوب قرائه،هذه الميزةهي السخرية،السخرية المهذبة المستساغة ،السخرية التي لا تستخدم لفظة نافرة ،أو خادشة ،بل تعتمد الصورة الجادة في معرض الهزل ،والهازلة في معرض الجد …))
الكاتب يحيى خضور مواليد مصياف 1940 ،يحمل إجازة في اللغة العربية وآدابها ،دبلوم تاهيل تربوي من جامعة دمشق ،عمل مدرساً للغة العربية في ثانويات القطر والمغرب العربي ،وعمل قبل إحالته على التقاعد عام 2000أميناً للمكتبة في إحدى ثانويات مصياف .