الدكتور محمد عامر مارديني: ” هناك عشق غير مسبوق لدى الشعوب العربية للأدب الساخر”

 
 
 
– متى قرر الدكتور محمد عامر مارديني التحول من قارئ إلى كاتب وقارئ ، وهل من سبب وراء هذا التحول برغم كثرة المشاغل والمسؤوليات التي تقع على عاتقك بحكم المناصب العلمية والإدارية الكثيرة التي اضطلعت بها؟ وأيهما حفزك أكثر المسلسلات الساخرة أم النصوص الأدبية الساخرة أم هو دافع ذاتي بحت ؟
الحقيقة أنّ الكتابة ليست قراراً يتّخذُه المرء ، بل هي نتيجةٌ حتميّة لمهارة تدعمُها وتنمّيها القراءةُ وتراكمُ الخيالات والتعابير التي سبق وأن تابعَها الكاتب لأدباء مختلفين ،بالإضافة إلى مخزون معرفيٍّ واسع نما وكبُرَ عبر سنوات من المطالعة والاطّلاعِ على ثقافات محليّة وعربيّة وعالميّة، لتصبحَ هذه الأمور -مجتمعةً- فيما بعد ، جزءاً مهمّاً من مقدرته اللازمة لصياغة نصٍّ أدبيّ التي ترفدُها دون أدنى شكّ موهبةٌ ربّانية قد لا تتوفّر عند كلِّ قارئ مثقّف.
لقد ولدتُ وتربيت في أسرة  جميع أفرادها ممّن يعشقون العلم والثقافة والأدب ما ساعدني على أن أنخرطَ منذ نعومة أظفاري في عمليةِ القراءة والكتابة،حتى أنّ عملي كأستاذ جامعيّ وإداريّ علميّ لم يكن ليمنعني من ممارسةِ هوايتي هذه ، إلا أنّني لم أكن راغباً في النشر لعموم القرّاء إلا بعد أن أنهيَ تولّي المناصب الإداريّة العلميّة وذلك لاعتبارات خاصّة بي.
أما ما حفّزَني لذلك، فهو كَوني أنتمي إلى جيلٍ نشأ على المسرحيّات والمسلسلات الساخرة لفنّانين كبار ، ولن أذكر هُنا أيَّ اسم لئلّا أنسى أحداً منهم .
 إلا أنّ كتَّابَ هذه الأعمالِ كانوا من أعظم الأدباء الساخرين ،الأمر الذي كان يدفعني دائماً إلى العودة إلى المصدر الأصليّ لهذه الأعمال الدراميّة ألا وهو الكتاب أو المطبوعات بغيةَ النَّهلِ من المنبع ، والسّير في هذا المنحى من الأدب.       
– بمن تأثرت من كتاب الأدب الساخر ؟
بشكلٍ خاص يبهرني أنطون تشيخوف وعزيز نيسين ، غيرَ أنّي قرأت للكثيرين غيرِهما مثل حسيب كيالي وصدقي اسماعيل ومحمد الماغوط محلّياً، ولأميل حبيبي من فلسطين ،وكذلك للكثير من الكتّاب المصريّين كأحمد رجب ومحمود السعدني وجلال عامر والمازني.
– شاركت في عدة ندوات وفعاليات حول ” الأدب الساخر ” امتازت بحضور جمهور من شرائح عمرية وثقافية متنوعة ، كيف ترى اقبال الناس على هذا النمط من الآداب نسبة إلى غيره ؟ وماهي ردة فعل الأشخاص الذين تستلهم منهم شخصياتك أو تتناول تفاعلاتهم خلال مواقف عاشوها وساهموا فيها ، عندما يستمعون إلى قصصك ، وهل سبق أن تسببت لك مؤلفاتك بمشكلات مع الآخرين؟
هناك عشق غير مسبوق للأدب الساخر، ربما الواقع الاقتصادي والمعاشي لمعظم القراء يدفعُهم لمتابعة هذا النوع من الأدب، فالشعب العربي معروف بالإجمال أنّه يصوّرُ آلامه بنكتة ،ويحوّل وجعَه إلى شحنة من التعبير المضحك المبكي أحياناً . 
وهناك ،ربّما، سببٌ آخرُ للإقبال على الأدب الساخر ،ألا وهو قلّةُ   الأدباء الساخرين في الساحة الأدبية، ما يجعلُهم محطَّ متابعة. 
أمّا عن ردّة الفعل فهي مضحكة ، ففي إحدى قصصي كتبت عن شخصية اسمها أبو حديد بشكل هزليٍّ ، الأمر الذي دفع بعض الأصدقاء لنُصحي بعدم الإسهاب في الوصف الجسديّ لأبي حديد لأن أوصافَه فيما كتبتُ عنه ، انطبقَت على أناسٍ معروفين وغضبوا من قصتي أيّما غضب، وهذا أيضاً دفعَني إلى كتابة أقصوصة ساخرة عمّا حدثَ بعنوان ” يلي فيه مسلّة بتنغزو” 
– نشعر أن هناك شخصية رئيسية واحدة تجسد الضحية لجميع المواقف المحرجة والمفارقات والأحداث في جميع قصص مجموعتك القصصية ” حموضة معدة ” تقريباً ونشعر أنه يمثل الإنسان المثقف الواعي اللبق فهل هو أنت ؟ بمعنى إلى أي مدى تشكل ” حموضة معدة ” سيرة ذاتية للكاتب منسوجة وفق مبالغات درامية وتكريس لعنصر المفارقة بهدف جعلها نصوصاً أدبية ؟
معظم قصصي، إن لم تكن جميعها، هي من قبيل السيرة الذاتية ،حيث أنّ أحداثها شهدتُها بنفسي، إما مباشرةً بأمِّ العين أو وصلَت إلى مسامعي من فمٍ صادق، لكن هذا لا يمنعني من إقحام ذاتي كـ”عامر”، وإضفاء روحي ولمساتي الشخصيّة فيما أقصُّ وأكتب، وإضفاء القالب الكوميديّ أو الحزين أحياناً إلى النهايات، أي أن لبَّ القصة من مشاهداتي، ونهاية القصة من تأليفي.
– ما هو الجديد المُرتقب من إبداعك الأدبي؟
مجموعة قصصيّة قيد الطباعة ،أيضاً من النوعية الساخرة، بعنوان “قصصٌ شبهُ منحرِفة” إضافة إلى رواية ستصدر قريباً إن شاء الله.
********
الدكتور محمد عامر مارديني:
– مؤلف المجموعة القصصية حموضة معدة من فئة الأدب الساخر.
– لديه عدة مؤلفات علمية في مجال الكيمياء الصيدلية.
– حائز إجازة في الصيدلة والكيمياء الصيدلية من جامعة دمشق ودرجة الدكتوراه في الصيدلة من جامعة هومبولت الألمانية.
– شغل عدداً من المناصب العلمية في سورية والوطن العربي منها عمادة كلية الصيدلة ورئاسة جامعة دمشق ووزيراً للتعليم العالي .
حاوره سامر منصور
المزيد...
آخر الأخبار