يكاد يكون البيان الذي طرحته الحكومة أمام مجلس الشعب مؤخرًا ، نسخة طبق الأصل عن بيانات الحكومات السابقة ، وخصوصًا التي شُكِّلت أثناء الأزمة التي عصفت بالبلاد ، لولا الاختلاف بالصياغة والطول أو القصر !.
فلو استعرضنا ماورد فيه عن القضية الأهم لحياتنا كمواطنين ، لوجدنا أن الحكومة
” تُعدُّ تحسين مستوى معيشة المواطنين الهاجس الأهم للعمل الحكومي ، والهدف الرئيس للسياسة الاقتصادية للحكومة ، ولا سيما في ظل الصعوبات التي واجهت معيشة المواطنين ، بسبب مفرزات الحرب الوجودية المفروضة على بلدنا ، وستستمر الحكومة باتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها تحقيق هذا الهدف سواء من خلال الزيادات المدروسة للرواتب والأجور أو متمماتها، ومن خلال تخفيض تكاليف المعيشة ، وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية ، وضبط الأسواق والأسعار ، وعقلنة الدعم وإيصاله إلى مستحقيه، بما يضمن تأمين أفضل شروط ممكنة للعدالة الاجتماعية .
وقد ورد هذا الكلام وشبيهه في بيانات الحكومات السابقة ، وظل مجرد كلام ووعود ، رغم الزيادات التي خصصت لرواتب الموظفين بالدولة والمتقاعدين !.
فما يهم المواطنين هو النتيجة ، إذ لم يلمسوا حتى اليوم أي مرتسمات للبيانات الحكومية المتعلقة بتحسين حياتهم المعيشية ، على أرض الواقع !.
بل على العكس تمامًا فالغلاء الفاحش ، كان يلتهم أي زيادة للرواتب قبل أن يقبضها العاملون بالدولة والمتقاعدون .
وعلى سبيل المثال لا الحصر الزيادة الأخيرة للرواتب امتصتها أجور النقل التي عدلتها أو رفعتها الحكومة ممثلة بوزارة التجارة الداخلية مرتين خلال فترة قصيرة ، عدا عن رفعها أسعار الخبز والمازوت والبنزين والأدوية ، وحتى المواد الغذائية التي تبيعها في مؤسساتها كالسورية للتجارة ، ليزيد سعر بعضها عن نظيرها بالأسواق المحلية !.
فأي تحسين لحياة المواطن المعيشية ، إذا كانت زيادة الرواتب تموَّل من رفع أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية المدعومة !.
وأي حديث هذا عن عقلنة الدعم وإيصاله لمستحقيه ، إذا كان مستحقوه من الفقراء وغير العاملين بالدولة ، غير قادرين على تأمين كفاف يومهم !.
باختصار شديد ، المواطن لا يريد بيانات خطابية ، بل إجراءات عملية تنقذه مما يعانيه من منعكسات التضخم ، والغلاء الفاحش ، والفساد ، وغياب مبدأ المراقبة والمحاسبة.
يريد أفعالًا تحسن حياته المعيشية وتجعله قادرًا على تأمين قوت أسرته من دون كوارث مالية وأعباء نفسية.
محمد أحمد خبازي