حماة-أحمد نعوف…
أحبتها منذ أن كانت في العاشرة من سنها فامتهنتها حتى وصلت الخامسة والسبعين من عمرها وما بين الأمس واليوم اتخذتها السيدة سكرة فطوم مهنة تسند بها ظهرها في إعالة أسرتها وإدخال الفرحة على أحبائها إنها “صناعة القش” التي تخشى عليها من الاندثار.
فطوم التي تسكن في مدينة سلمية تعلمت هذه المهنة من أسرتها فأصبحت تحيك من القش الأطباق والقفف ذات الألوان الزاهية والنقوش الجميلة ورغم قلة الطلب الآن على هذه المنتوجات بعد أن تحولت من حاجات منزلية ضرورية إلى لوحات للعرض على الجدران فإنها تواصل مهنتها بهمة وثبات معلنة حبها لهذه المهنة النسائية التي تجاوز عمرها مئات السنين متمسكة بقش القمح لصناعتها.
وعن الأشكال والأنواع التي تصنع من القش تبين أنها كثيرة ومنها الطبق المستخدم لوضع الطعام عليه (طبق المائدة) ويبلغ قطره متر تقريباً وما تزال الأسر في الأرياف تستخدمه لوضع أطباق الطعام عليه حيث يوضع على الأرض وتتحلق حوله الأسرة لتناول الطعام وهناك أطباق صغيرة (صحون) لتقديم الفاكهة والبذورات وهناك طبق يوضع فيه الخبز وقفة لوضع أدوات الخياطة وقفة أو سلة لحفظ (ديارة) الأطفال.
وتذكر فطوم أن المواد الأولية الأساسية لصناعة أطباق وأدوات القش تتكون من قش القمح وتقول القش الطبيعي هو المادة الأساسية ونحصل عليه من بيادر الحقول بعد حصاد القمح وهو ساق القمح كما نستخدم (القصل) البري بحيث يلف عليه القش مبينة أنه ‘بعد صبغ وتجفيف (القش) نأخذ حزمة من (القصل البري) ونبللها بالماء حتى تصبح طرية ونبدأ بلف القصل المصبوغ واحدة تلو الأخرى وبمساعدة المخلَّة نثبتها بعضها ببعض ونكمل بشكل دائري ونغير الألوان بتغيير القصل الملون تباعاً وحسب الرسم المطلوب وهكذا حتى نحصل على طبق أو قفَة أو غيرها بالحجم الذي نريد
وعن الجهد الذي تبذله في صناعة الأطباق تضيف إن العمل اليدوي يحتاج لجهد كبير فصناعة القش تسبب ألماً في اليدين والأكتاف لأنها تحتاج لشد وضغط كي تصبح متينة ومتناسقة وهذه المتانة والتناسق تضفي على العمل جودة ليعمر أعواماً طويلة مشيرة إلى أنه مع تطور الحياة لم تعد صناعة القش حاجة من حاجات الإنسان اليومية كما كانت في القديم وتحولت منتجاتها إلى أشكال للزينة
ولعل أكثر من يُزعجها هو قلقها من اندثار هذه المهنة صواني القش اليوم ليست للاستخدام بل هي هدايا تراثية تُعرض في محال مخصصة لبيع القطع التراثية بعد أن استبدلتها ربات البيوت بأواني بلاستيكية وأخرى معدنية.