نعم ، إن هذا الزمن صعب ، صعب جداً في تربية الأبناء وتوجيههم وتفهم آراءهم .. وإن مساحة السيطرة الأبوية يجب أن تكون ضيقة ومتميزة حتى تتيح للأبناء فرصة تكوين شخصية خاصة وذوق راق وإبداع فعال . إن الأب المحب الحازم الحاسم من دون مبالغة هو الأب الذي يعرف أن إحساسه يتيحه إلى إنضاج ابنه بالتفاعل لا بالقهر ، وبالتفاهم لا بالقسر وبالحنان لا بالإهمال .
إن موضوع تأديب الطفل متشعب ودقيق ينبغي الوقوف على معالمه لأن التأديب علم ومهارة ومن لا يجمع بينهما يفسد من حيث يريد الإصلاح .
ماذا يعني التأديب ؟
يخطئ من يظن أن التأديب يعني اللجوء إلى العقاب لتعديل السلوك لدى الطفل او إلزامه بأمر ما . إن التأديب أوسع بكثير ، فهو تعليم وتهذيب وتدريب وتشجيع ، وتفسير وتبرير . وبصفة عامة هو إدماج الطفل في مواصفات شخصية تبتسم بالسلوك الحسن وتقويم سلوكه غير السوي .
أما العقاب ، فيعد جزءاً هامشياً في عملية التأديب وعابراً لدى الآباء والأمهات ولا يلجأ إليه إلا في الحالات النادرة وعند الحاجة وفي سن محددة فقط .
التأديب ، يشمل عنصرين هما : تربية وإصلاح فالمهمة الرئيسية للوالدين ، تربية أبنائهما تربية سليمة ووفق أسس علمية ومتابعة نتائج التربية بالرعاية والإصلاح .
والتأديب يلزم وجهين أحدهما ، مالزم الوالد لولده في صغره والثاني مالزم الإنسان في نفسه عند نشأته وكبره . أما التأديب اللازم للأب ، فهو أن يأخذ ولده بمبادئ الأب ليأنس بها وينشأ عليها فيسهل عليه قبولها عند الكبر لاستئناسه بمبادئها عند الصغر . لأن نشأة الصغير على الشيء تجعله منطبعاً به ، ومن أغفل في الصغر كان تأديبه في الكبر عسيراً .
كما قال بعض الحكماء :
( بادروا لتأديب الأطفال قبل تراكم الأشغال وتفرق البال . )
إن تعريف التأديب يعني التدريب والترغيب والتشجيع ، والتقويم , والتعليم فهو شامل لكل ما يفعله المربون .
أهداف التأديب
سؤال ينبغي أن يكون حاضراً لدى الآباء والأمهات حول هدفهم من تأديب الطفل وحضور الهدف السامي المنشود لدى المربين ، ببعدهم عن الدوافع الانتقامية النفسية وعن استعمال التأديب لإفراز توترهم في الحياة أو التأثير باضطهاد طفولي وتجارب ذاتية من ماضيهم .
وهي كلها دوافع سلبية يعاني منها الأطفال ، وأثبتتها الدراسات العلمية الحديثة ،
والأبحاث التي تدرس الأساليب التربوية السليمة وقسوة الآباء ، واضطهاد الأطفال .
هناك خطوات لممارسة عملية التأديب …
1ـ استعمل التوجيه الإيجابي بما تريد من الطفل التحذيرات السلبية فالفعل الإيجابي يحدث أثراً إيجابياً أكثر من الفعل السلبي .
2 ــ اشبع حاجات الطفل للمدح ، والقبول والمحبة , والطمأنينة فهي أفضل وسائل التأديب.
3 ــ هيئ نفسك للتوقعات وكن مستعداً مع المشاكل المحتملة والسلوكية التي قد تظهر ، وحاول إحاطة ابنك بسياج حضانة وحماية منها قبل نشوبها واستفحالها .
4 ــ كن مبتسماً مشجعاً ملاحظاً للإيجابيات
وابتعد عن الأشياء ، التذمر والنقد المثمر الدائم .
5 ــ كن حازماً بدون عنف ولطيفاً بدون تساهل .
6 ــ لا تصرخ ، ولا تسخر ولا تتهكم على ابنك فتلك من الأساليب التربوية المدمرة لشخصية الطفل .
7 ــ لا تؤدب ابنك أمام الجماعة ، فإن الآثار السلبية لذلك على شخصية الطفل كثيرة ، ولا يمكن أن ينتج عن ذلك ردود أفعال أكثر سلبية .
وقفة .
وبعد ذلك توقع الاستجابة الفعلية والطاعة من ابنك وبعد فترة ليست بالقصيرة لأن الاستجابة السلوكية تحتاج لوقت وبرمجة متكررة حتى تصبح سلوكاً وعادة لدى الطفل خاصة والإنسان عامة .
وتذكر أن أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض.
رامية الملوحي