هل صادف ذات يوم ان كذبت عندما سئلت عن عدد سنين عمرك ؟ والجدير بالذكر ان للنساء حساسية خاصة تجاه ذكر اعمارهن اذا سئلن وقد يخجلن فيكذبن ويُصغرَن من اعمارهن وهذا كذب مغفورله بين النساء وعندهن مقولة “ان الحلو لا يكبر ”
ربما يعكس الكذب بشأن العمر حقيقة نفسية عميقة هي اننا نشعر بأننا تقدمنا فيه فعلا , ونتمسك ان نشعر بالشباب والحيوية ومازالت لدينا مرونة في العقل الجسم وحلاوة واناقة في المظهر, فشعورك الداخلي بعمرك سواء اشعرت انك اكبر او اصغر مسألة مهمة , ولها انعكاسات كبيرة على مستقبلك , فصحتك العقلية وعدم اصابتك بالشيخوخة الدماغية المبكرة يمنحك طاقة إيجابية ودفع لحب الحياة والنشاط حتى لا تشعر بالعجز ولا تقل قدراتك المعرفية .
من علائم الشيخوخة المبكرة الشعور بالوحدة , والميل الى العزلة , واجترار الماضي وأحداثه , والتنقيب في صفحاته عن ذكريات قديمة ومحاولة إعادة التواصل الاجتماعي بشتى الوسائل والسبل مع أصدقاء واقرباء ومعارف انقطعت الصلة بهم منذ امد وفي اجترار الماضي وإعادة العلاقة مع أصدقاء قدامى شعور يضخ الدم في الدورة الجافة .
كل ذلك يتم بدافع الإحساس باستمرار التواجد في الفضاء الإنساني وشحناً للنفس بطاقات اجتماعية إيجابية تعين على المضي قدما في مشوار العمر .
العزلة قاتلة , ثم ان هناك فرقاً كبيراً بين ان تختار الوحدة , وبين أن تجبر عليها .
من حق المتقاعد ان يستمتع بالوحدة وان يسمع ما يحلو له من الموسيقى بعد صرف العمر بالعمل, وان يتواصل مع من يحب ومن يريد وفي الوقت الذي يريد , لكنه في حاله هذا يحسده عليه الكثيرون , عليه فقط ان ينتبه الى الجانب الملآى من الكأس . فالاعتكاف عن الناس والتبرم من الحياة ليست من علائم الشيخوخة بل من علائم موت الإنسانية,
ومهما تعثرت الأمور فلتكن متفائلا , وابتسم للحياة واسمع موسيقى ..وعاشر من تحب من الأصدقاء بل واحياناً “طنش” وعش يومك بهذه الطريقة ..
ولا تكن ممن يستدعون الكبر والشيخوخة مهما كان الماضي حلوا جميلا , فلا يجب ان نستدعيه ليحيا بداخلنا فهو فقط للذكرى والعظة .
ويا ليتنا مثل الاوربيين فهم لا يعترفون بالسن , ولا يأبهون بتقدم العمر , فهم يعيشون حياتهم كما يحلو لهم , وبالطريقة التي يحبونها , ويزرعون السعادة بداخلهم , ولذا نراهم لا يشيخون ..
اخترمن الذكريات الحلوة منها وابتعد عن المنغصات خاصة في نهاية العمر , عليك ان تلعب على أوتار قيثارة الحياة وتسمع النغمات الجميلة فقط .
ولكي لا نشعر بالوحدة علينا ان نبقى في قلب الاحداث نتفاعل معها وبحسب ما علمتنا الحياة فانت ما دمت في معية الله فانت لست لوحدك .. اياك والفراغ النفسي الذي يشعرك بالوحدة , ولتبقى الذكريات الجميلة خير زاد لك في رحلة الحياة ..
واذا كانت الشيخوخة تحسب في التقاعد والتوقف عن العمل لكن لتعلم انها الفترة التي تعني بدء الحياة السعيدة من دون مسؤولية او تعب
عادة ينتج الشعور بالكبر عن الاجهاد المتراكم مدى الحياة , والتحكم بمسبباته قد يؤدي الى نتائج افضل.
واذا كنت تريد الاحتفاظ بشعور الشباب عليك وضع نفسك في مهارة جديدة تتعلمها وتشتغل عليها .
الشيخوخة عملية لا مفر منها , ومن الناس من يكسر الحاجز النفسي بينه وبين هذه المرحلة التي تؤثر على ارواحنا واجسادنا فتراهم مفعمين بالحيوية وطاقة الشباب ولا يمكنك تخمين عمرهم , انك تراهم يضجون بالحياة
والاعتناء بشريك الحياة واجب وفرض فهناك من يعيش العزلة والوحدة حتى مع ازواجهم , ووجود علاقة جيدة مع اشخاص والابتعاد عن العزلة الاجتماعية وتمتين العلاقات ضروري ينتج عنها تأثير كبير على الصحة الجسدية .
وكم من الناس ذوي العلاقات الاجتماعية الضعيفة تراهم يعانون حالات صحية مزمنة بما فيها مرض القلب والضغط والاوعية الدموية . فاستثمار حياة اجتماعية جيدة وامتلاك شبكة دعم اجتماعي قوية والحصول على دعم عاطفي واجتماعي ربما يخفف ويساهم في خفض خطر الوفاة بنسبة 50%
ان في مد يد العون ومساعدة الاخرين وتقليل التوتر تحسين للصحة , والابتسام والمرح , وروح التفاؤل والتفكير الإيجابي له فوائده في مكافحة الشيخوخة فكل هذه تمثل “عمر ثاني”
فالعودة الى ممارسة الحياة بوعي واتباع نظام غذائي متوازن , وممارسة بما يتناسب من التمارين الرياضية , وممارسة التأمل تبطىء من هيمنة الشيخوخة بشكل مؤكد .
وعمر مديد وصحة جيدة نتمنى للجميع .
محمد مخلص حمشو